وليد العديني وليد العديني

مشرعه و حدنان

في طفولتي لم اكن اعرف اسم لكل تلك القرى المعلقه على قمة وحواف ذلك الجبل المطل على تعز سوى انه جبل صبر دون تفاصيل , فلم اكن اعرف ماهى مشرعه وحدنان؟ و ماذا تعني لتعز؟

 

لكني حينها كنت اعرف ذلك الحضن الدافئ الذي لطالما غرقت في نومي وهو يحتوني بحنانه , مازلت اتذكر كم كنت ابكي عندما ارى باب منزل جارتنا صاحبة ذلك الحضن مغلق ويزداد بكائي عندما تخبرني امي رحمها الله انها سافرت الى مشرعه وستعود ليلا..

 

و ما اجمل ابتسامتها حين تراني انتظرها امام باب منزلها فيتهلل وجهها و تسعى مهرولة لترفعني و تضمني الى صدرها و ان اسالها اين كنت؟ فتخبرني انها كانت في مشرعه و اعاتبها لماذا تركتني و ذهبت وحدك؟ و لماذا فقط تاخذين ابنك عبدالله (بعبع) و لا تاخذيني معك؟ تبتسم و تمسح دموعي و تعدني ان تاخذني معها المره القادمة..

 

(المشرعية) .. امراءة حنونه و جميلة سكنت منزل بالايجار ملاصق لمنزلنا في مدينة تعز القديمه ولم تكن وحيده فقد كان معها ابنها عبدالله (بعبع) هكذا كان يسمونه لفرط سمنه ..

 

كنا تقريبا اسرة واحده فهى وابنها و اسرتي وانا كنا نقضي اغلب النهار معا في منزلنا و بعد الغروب انتقل معهما الى منزلهما المجاور وتعيدني هى الى حضن امي بعد ان اكون قد غرقت في نوم عميق ..

 

ذات يوم خرجت (المشرعية) و ابنها باكرا وانتظرتهما كثيرا لكنهما لم يعودا , وبعد مرور سنوات عادت هى فقط في زيارة سريعه لاسرتي والتقيت بها وكانت ماتزال تلك المراءه الحنونه الجميلة رغم انها في منتصف الخمسينات من العمر واحتضنتني كاني مازلت ذلك الطفل و قالت لي انا امك صفيه (المشرعيه) وذكرتني وهى تضحك بيوم اصطحبتني فيه معها الى قريتها الصغيره في مشرعه و كيف كنت اصرخ في وجه كل من كان يناديها بصفيه وكيف كنت ارفض ذلك الاسم و اقول باصرار انها امي (المشرعيه)..

 

كانت تلك الزيارة الاخيرة لها لاسرتي بعدها اختفت و انقطعت اخبارها الى ان جاء الى منزلنا ابنها (بعبع) و ابلغ امي بان امي ماتت , اتذكر حينها اني كنت في صنعاء في السنه الاولى لي في كلية العلوم واتذكر كيف ان امي رحمها الله ابلغتني بالتلفون ان (المشرعية) امي ماتت رحمها الله..

 

خلال سنوات دراستي للثانوية العامة و للجامعة تعرفت على اناس رائعين و كان الاروع من ذلك ان اعرف انهم من منطقة مشرعه و حدنان تشدني اليهم سلميتهم و مدنيتهم وثقافتهم ,وفي تلك السنوات عرفت من امي رحمها الله و ابي حفظه الله بان لي اخوال و انساب واقارب هناك في مشرعه و ذي عنقب و حدنان..

 


وكما كانت (المشرعية) ام لي فمشرعه وحدنان ام وحضن دافئ لكل ابناء تعز و انا على ثقه بان ابناء تعز لن يتركوا امهم يعتدى عليها و هم يتفرجون..

شبكة صوت الحرية -

منذ 8 سنوات

-

1781 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد