كتب كتب

قصة الطفلة هديل

بقلم والد الطفلة هديل فيصل علي

أعلم انك هنا يا إلهي العظيم في قلبي، كما انك هناك مع هديل ولذا لست قلقا البتة ما دمت انت موجود..

أحبائي أصدقائي أهلي وشعبي حفظكم الله جميعاً كنتم دوما معي وكنت دوما معكم، قبل كل شيء هديل فيصل هي واحدة من الأمة اليمنية ، وسواء شفاها الله او اخذها الى جواره فهي ليست اغلى على أبيها من كل شهداء وشهيدات شعبنا، فطالما اعتبرت كل الشباب أولادي وكل الفتيات بناتي وهو شعور ينمو منذ زمن بعيد، قبل الثورة والمقاومة ،فكلما مررت بمدرسة او كلية ورأيت الجيل ذاهب او عائد اتسمر في مكاني ادعو لهم بالتوفيق، وان يجعل الله فيهم الخير لبلدهم وشعبهم.

على كل اصيبت هديل فيصل وهي طالبة بالصف التاسع، بطلق ناري في رأسها بالأمس ونقلت الى المستشفى واجرى لها الدكتور عارف المخلافي عملية ،وقال ان الرصاصة لم تصبها في الدماغ، وليست خطيرة، لكنها لم تخرج وتحتاج وقت قد يصل إلى 20 يوما لاخراجها، اثق في أناملك يا دكتور عارف من زمان ، وليس من اليوم واثق انك قادر على علاجها باذن الله، البروف عارف جراح مخ واعصاب متميز وهو اخي وصديقي منذ الصبا.

عندما بشرت بقدوم هذه الفتاة السمراء لم آبه لها وقلت هي الا بنت!! نعم قلت ذلك فلا يغركم اسمي ولا مهنتي ولا أفكاري، كنت يوما ما مصاب بجاهلية قومي، وربما تبقت اثار منها الى اليوم.. بعد أيام من مولدها شعرت بابوة عجيبة نحوها حينما كانت ترقد في المشفى واحتاجت دم،فصيلة دمها تطابق فصيلة دمي، "الدماء الزرقاء تجري في عروقها أيضا من نوع B+" .

بعد عامين من ذلك الوقت كانت هي صديقتي اوقظها بعد صلاة الفجر واخرج معها الى المطعم لتناول وجبة "فول جرة"، وعندما كنا نتناول السمك على الغداء كنت انا من ينظف اسنانها اللبنية ب"ملخاخ" بعد الاكل.

في 2003 عدت لمناقشة الماجستير الى العراق، وكانت هديل قد ادمنت على سماع اخبار الحرب هناك مع أمي فن حفظها الله ، وكانت تعبر عن قلقها على أبيها من ان يقتله اليهود.

لم تكن تعلم ان "اليهود" طيبين وارحم من بعض اهلنا الذين غزوا مدينتنا بعد سفري الاخير بداية هذا العام الى ماليزيا، وهي ستكون مضرجة بدمائها بين يدي الحي القيوم، ولا أدري انها ستحيا ام ستموت.

دائما كنت اضحك على سمرتها فهي الوحيدة من بين اخوتها بهذا اللون البرونزي الأنيق، مرة اقول لأمها يمكن في مستشفى السعيد اعطونا "خادمة" بدل ابنتنا، واتعمد ان تسمع هديل هذه الحكاية، وأحياناً اقول لها تعرفي ليش انت سمراء ؟ لان أمك كانت بدل ان تضع لك البودرة وانت طفلة تضع لك طحين غرب وهو "دقيق اسمر من محاصيل ارياف تعز" وكانت تضحك دوما.

علاقتي بها مميزة حتى عندما اعطيها شيئا من مال تحتفظ به لي دوما، وتاتي به وقد جمعته، وتقول ربما تحتاجه انت.

في العام الماضي عدت من ماليزيا وكانت علاقتي بأولادي ضعفت لأسباب خاصة،احتجت وقتا طويلاً لاعادة علاقتي باخوتها،اختها فن الكبيرة استغرقت الحوارات بيني وبينها 3 أشهر تقريبا، بينما هديل لم يستغرق الأمر معها سوى لقاء اهيف لم يزد عن كم دقيقة.

ليحفظك الله يا هديل، فهو من يعتني بالملائكة السمر من أمثالك في بلد انقلب بعض أهلها الى وحوش وغزوا مدينتنا المسالمة.

لا غريم سوى الحوثي وصالح هما من اشعالا الحرب في بلدنا، لا يتحمل المسؤولية سواهما، وليس هناك اطراف صراع في اليمن ولا جدل سياسي، الحوثي وصالح هما طرف الحرب وسببها واصلها وبيدهما إيقافها، من يدافع عن ارضه وبيته وبيوت جيرانه المهاحرين أمثالي ليس طرفا في الصراع، فهو يحمي دياره لا غير وليس طرفا وليس معتديا.

الان حتى ودماء ابنتي مازالت لم تجف، انا لا اريد لصالح والحوثي الموت ولا حتى المحاكمة ،فقط اريد لهما السلامة ولاهلهما واريدهما ان يوقفا الحرب التي اشعلاها غير مضطرين لها، لست مثاليا لهذا الحد لكني اريد للدماء ان تتوقف يا اوغاد.

هديل بين يديك يارب ، دعواتكم لها يا أحباب هي من تجبر قلبي هذه الأثناء،ممتن لكم جميعاً وحفظكم الله وحفظ شعبنا بلا إستثناء، والنصر للمقاومة والنصر لشعبنا اليمني الصابر.

شبكة صوت الحرية -

منذ 8 سنوات

-

3483 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد