عزت مصطفىعزت مصطفى

اخواننا لم يتخلوا عنا


إعادة بناء ما خربه الاجتياح الحوثي لليمن سيكون الأولوية القادمة بالتأكيد. فاليمنيون يتطلعون إلى الخروج من حالة التراجع التي قادهم إليها المخلوع صالح بسوء الادارة أو افتعال الأزمات أو التصادم مع هذا التيار السياسي او ذاك لغايات عبثية. ولا يمكن الاستمرار بأن يصبح اليمن نقطة تكدس للسلاح، سواء ذاك الذي تمتلكه الدولة أو حلفاؤها القبليون أو أعداؤها المتقلبون المتربصون الذين يمثل الحوثيون أبرزهم.

 

اليمن يحتاج إلى إعادة الإعمار وإلى إطلاق مشاريع التنمية وإلى تثبيت الوعي لدى المجتمع بمخاطر الكثير من الانزلاقات التي قادت البلاد إلى التضخم السكاني والعجز الاقتصادي كمقدمتين لانهيار سلطة الدولة معنويا أولا وعمليا ثانيا. فالتجربة التي مرت وتمر على اليمن والتي اوصلتنا إلى ما نحن عليه يجب أن تكون درسا لنا لكي نستطيع الخروج من أزمة البلاد الراهنة.

 

يقف الأخوة الخليجيون معنا اليوم بالرجال والسلاح. ولكنهم يقفون معنا أيضا بما بدأوا يقدمونه من دعم مالي واقتصادي في المناطق المحررة. وأقول دعما، لأن ما يلمس اليوم هو أشياء تتجاوز المعونة المقدمة وما توفره الدول للأمم التي خرجت لتوها من الحرب أو التي هي بصدد الخروج منها.

 

هذه بوادر جيدة ومباركة. فالأخبار والصور التي تأتي من المناطق المحررة، لا تحمل فقط مشاهدا لمؤسسات خيرية تقدم مساعدات لاجئين. الأخوة الخليجيون، وخصوصا منهم الإماراتيون، يبدون حرصا واضحا على أن يكون الدعم أداة لإعادة الاستقرار وفرض الأمن وتوفير الأمل للناس.

 

أدرك الإماراتيون أن بلدا مثل اليمن لا يمكنه ان يقف على رجليه من خلال برامج مساعدات خيرية. اليمن ليس بلدا يعاني من كوارث طبيعية أو يواجه مجاعة لكي يكون الحديث عن أطعمة وأغذية وأدوية. سيارات الشرطة مثلا التي بدأت تجوب المدن المحررة هي شكل من اشكال الدعم الضروري لاعادة الاستقرار. فاحتواء الانفلات الأمني هو أول خطوات العودة نحو الحياة الطبيعية. ولا يمكن لعامل أن يمد يده لتصليح مبنى أو محطة كهرباء أو وقود، طالما ظل يحس أن هناك خللا أمنيا يتمثل بعصابة إجرامية أو سياسية تتربص لكي تنقض على شارع تركه الحوثيون خرابا فيريدون أن يستولوا عليه ويقيمون محمياتهم المافيوية أو الإرهابية. فهل ذكريات الصومال عنا بعيدة؟

 

الإماراتيون أيضا يدعموننا بما ابدوه من التزام اخلاقي وسياسي كبير مع مئات الالاف من اليمنيين ممن يقيمون ويعملون في دولة الإمارات. فرغم التهديد الأمني الذي يمكن ان يمثله متعاطفون مع صالح أو مستفيدون منه أو مندسون، إلا أن أبناءنا اليمنيين في الإمارات ظلوا يعيشون بين اخوانهم ويشاركون البلاد رزقها، وهم الشريان الاقتصادي المستمر الذي يدعم كل أسرة تقريبا في اليمن، في المناطق المحررة أو حتى في تلك التي تزال تحت سيطرة المخلوع والحوثي.

 

أخواننا لن يتخلوا عنا بمجرد انتهاء التهديد الحوثي الذي سيذهب بلا رجعة. فمن يقدم الرجال والدماء لنصرة اليمن، لا يمكن إلا أن يستمر في دعمه اقتصاديا لكي تستعيد البلاد عافيتها وزهوها وتبقى كما كانت العضو غير المعلن في مجلس التعاون الخليجي.

شبكة صوت الحرية -

منذ 8 سنوات

-

1159 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد