كتب كتب

" شرعية هادي " : خيار الضرورة :

بقلم :  هائل سلام :

على الرغم من كل التحفظات والمآخذ والإنتقادات والمحاذير والتوجسات، على وإزاء، أداؤه وسياساته ومواقفه وقراراته، يظل هادي - بالنظر الى موقعه وليس الى شخصه - تذكرة العبور الوحيدة الممكنة، الى الوضع الدستوري الدائم، المأمول.
إذ هو - بسبب من الإعتبارات المتعلقة بالشرعية - ورقة الرهان الوحيدة الممكنة لإستكمال عملية الإنتقال السياسي بالبلد، ككيان موحد، جغرافيا، هوية وإنتماء.
رمزيا، ومن زاوية النظر هذه، يمثل هادي ورقة التوت الأخيرة، التي تستر عري السلطة، بإضفاء لمسة الشرعية الواجبة عليها، والتي بسقوطها يتعذر التوافق على أي " شرعية " أخرى بديلة، ولو بشروط الحد الأدنى، الممكن سياسيا، وان في أضيق الحدود.
فمن المتعذر، إلم يكن من المستحيل، بالنظر الى الحروب والصراعات الدائرة في البلاد، أن يلتئم أو ينتظم فرقاء السياسة المحليون - مجرد إلتئام وإنتظام - في أي " إجتماع " سياسي، ناهيكم عن توافقهم على أي صيغة بديلة، دون أن يكون في ذلك تهديدا جديا، للكيان الوطني " الموحد "، وعلى حسابه.
للتمثيل والتقريب، يشبه هادي " مع الفارق بالطبع" رب أسرة، محبوب ومكروه، ممدوح ومقدوح، في آن، ولكنه، مع ذلك وعلى الرغم منه، يعد آخر رمز لوحدة هذه الأسرة، كيفما كان.
بحيث أن رحيله، المرغوب والمأمول، من قبل أفراد الأسرة المتنافرون، كلا أو بعضا، لن يكون سوى فاتحة للأهواء والأمزجة والميول والمطالب والرغائب والتمنيات، لجهة التركة -" وهنا الفارق" - قسمة وتقاسما وإنفرادا وإستقلالا وإستئثارا...الخ.
أو أنه مثل سائق باص، رديئ، بطيئ، وسيئ، وكل ماشئت من أوصاف وصفات، ولكنه الوحيد، من بين ركاب الباص الحائز على رخصة قيادة، كيفما أتفق.
ليس من الصعب ملاحظة أن شرعية هادي، على علاتها وعلاته، أو حتى ماتبقى منها، هي التي تحول، حاليا، دون تمرير مخططات التقسيم، من قبل بعض القوى الدولية المهيمنة، مايجعل الحلول السياسية المقترحة من قبلها أو بإيعاز وضغط منها، تصاغ بدهاء ومكر وحيلة وخداع وإلتفاف، بغية تجريد هادي - والبلد أساسا - من ورقة الشرعية الوحيدة، والأخيرة، هذه.
***

لايفهم المرء كيف يمكن لرئيس إنتقالي، أوكلت إليه " توافقيا " مهام إجرائية إنتقالية، أن يكون موضوعا لثورة من أي نوع، مالم تكن هذه الثورة إنقلابا على روح التوافق أساسا، وعلى أسس العيش المشترك التي قامت عليها روح التوافق تلك.
كما لايفهم، كيف لرئيس بهذه الصفة، والصلاحيات والمهام، أن يكون له " مشروع خاص "، حسبما يردد البعض، حال أن مهمته، المفترضة، تنتهي - ويجب أن تنتهي - بمجرد التهيئة للإنتقال الى الحالة الدستورية الدائمة، مع إستثنائه هو نفسه، حسبما يفترض أيضا، من الترشح لأي منصب، وبخاصة منصب الرئيس، في المرحلة المروم الإنتقال إليها تلك.
كما لايفهم، وعلى نحو مضاعف، كيف للوحدويين بشكل خاص، أن يهاجموا رئيسا إنتقاليا كهذا، قد يكون، بصرف النظر عن كل أخطائه وخطاياه، آخر ماتبقى من رموز الوحدة المغدور بها، مرارا وتكرارا !!
***
ماسبق، لايعني بأي حال، أن الطريق الذي أختطه هادي - بمعية مؤيدوه وأنصاره حسبما يفترض - مأمونا ومفروشا بالورود. ولايعني كذلك، أن هادي نفسه، قادرا لوحده أن يمضي في هذا الطريق حتى النهاية، مهما أتفقنا أو أختلفنا معه فيه، بل ولايعني أيضا، أن هادي نفسه يدرك، تمام الإدراك، أن الطريق الذي يسير فيه، وان صدقت نواياه، من شأنه حقا أن ينتهي الى الغاية التي يأملها ويأملها معه من علقوا آمالهم عليه.
إذ يبقى أن على هولاء معاونته أولا، ومن ثم مراقبته، وتقييم خطواته وتقويمها وإصلاح إعوجاجها وتصويب انحرافاتها، القصدية أو الخطائية، طالما وقد أختاروه وتوافقوا عليه وركنوا إليه إبتداء، ليس من أجله هو بل من أجلهم هم، ولصالح البلد عموما.
***
بعبارة أخيرة، وأخذا بعين الإعتبار كيان البلد، كجغرافيا، وهوية، وإنتماء، من جهة، والتطلعات والآمال المنشودة، من جهة أخرى، فإن ورقة شرعية هادي، وان كانت بسبب تهتكها وإهترائها، كمايرى البعض، قل أو كثر، ليست الورقة المضمون فوزها، ولكنها مع ذلك، الورقة الوحيدة المؤهلة للدخول في السحب، في يانصيب الآمال والتطلعات المنشودة تلك. كافة الأوراق الأخرى، ليست مؤهلة للدخول في السحب، ولايمكن المراهنة، أو التعويل، عليها مطلقا، بالنظر الى ظروف البلد وأوضاعها المنوه بها آنفا.

شبكة صوت الحرية -

منذ 8 سنوات

-

1459 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد