رمزي الجديعيرمزي الجديعي

انتكـــــــــــاسة تبوح بها المآذن


في إحدى المناطق ذات الكثافة السكانية، في العاصمة
كنتُ مع صديقي ..
نخطو خطوات رتيبة ..ونتناقش
نادتنا المآذن لتأدية صلاة المغرب
ابتسم لي صديقي ..وهز رأسه
لنجيب داعي الله ..
ولتقف أرواحنا( وتخشع ) في حضرة الإله
..رددتُ عليه ابتسامةً أفضل منها( كموافقة)

دلفنا إلى المسجد ..
ومن الجميل أن صديقي ..
سبق وأن صلى في هذا المسجد
بمعنى أنهُ لا داعي لبدء رحلة بحث عن
حجرة الوضوء!

بينما نحن وسط الزحام نشق طريقنا لنتوضأ
ونجتاز طوابير كالتي نقفها في محطات الوقود
وفي شركات الصرافة
ومراكز بيع القمح ووو....

دخلنا في الصلاة ..
وكانت قد فاتتنا ركعة


. للإمام صوت رخيم
تلين له الصخور
..ويزلزل القلوب
.
.يدعُ الأمام بعد القيام في الركعة الثالثة
ويومن المصلون بأصواتِ مجلجلة
ترعشها حرقة الواقع السيئ
وبعد انتهائهِ من الصلاة( الأمام )
تعالت بعض الأصوات التي ترجوا الرأفة
وتشكو حالها ..
تداخلت الأصوات ..
كسيوف في أرض المعركة

بينما أتممت صلاتي وقد شتت تلك الأصوات ..التركيز
فتلعثمت وأنهيت الصلاة
.
كالعادة ..يقف أُناسٌ بعد الصلوات يشكون حالهم ويطلبون العون والمساعدة

بينما أنتهى هؤلاءِ من طرح مشاكلهم ..كلٌ بطريقتهِ وأسلوبه ..
وأنا اتأسى على حالة هؤلاء
وأدعُ لوالدي الذي يكافح كي أنعم بحياة مليئة بالاستقرار

وقف أحدهم يرتدي ملابس ليست بالرثة
ولا يظهر عليه إتقان الشكوى للناس علانيةً
فقد كان الخجل هو المسيطر عليه
مكسوف الوجه الذي يحاول اخفاء ملامحهِ بذلك الشال


أثناء محاولتهِ الوقوف
بداء يجول بنظره بين الصفوف

و بداء بوصف الحالة التي وصل اليها ..والظروف القاسيةَ التي كابدها ..
واصفً حالتهُ الاجتماعية
يسرد عدد أفراد أسرته
مبيناً مستواه التعليمي وأنه (معلم)
ليس عاجزاً، أو عاطل عن العمل
بل من الكادحين والمكافحين
..
بيد أن تأخر صرف الرواتب لأكثر من أربعة أشهر ..
هو ما جعله يخدش حيائه ..

ويناقض شرحه لتلاميذهِ
حديث النبي صلى الله عليه وسلم (اليد العليا خيرٌ عند الله من اليد السفلى)
مضطر

.يُلح على المصلين ..ضرورة مساعدته لأن ظروفهُ ستفتك به وبأسرته
وهو لا يجيد مهنة اخرى غير التدريس
وتربية الأجيال.

كانت عيناه تتحدثان، ويدياه تحاول التناغم مع ما تبوح به عيناه ..مجسدة الموقف


...تنفست الصعداء للحالة التي وصلت اليها النخب المتعلمة. .التي لا تجيد سوى حمل القلم ونثر الحبر والعلم
ولا تتقن مهنة اخرى

فمثل هذا المعلم لا حيلةَ له ..بعد أن تحولت حالته من الاكتفاء الى العوز

وتقطع قلبي لحالة بقية طبقات المجتمع التي لاحول لها ولا قوة سوى ..بث الشكوى لله ولله فقط

...أن يتحول المعلم الى شحات
والمثقف الى متسول ...فكيف هو حال الشخص العادي ..المعتمد على جهذه الذاتي للعيش.

 

شبكة صوت الحرية -

منذ 7 سنوات

-

1564 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد