أمين الوائليأمين الوائلي

هكذا نجح عيدروس الزبيدي

على عكس ما أريد لها أو منها بات مشهوداً أن "حركة" إعلان الزبيدي بما سمي المجلس الجنوبي الانتقالي كلفت "الظاهرة الحراكية" خسائر كبيرة واستراتيجية وسوف تكلفها أكثر في المستقبل القريب والمنظور.

 

في النتيجة فإن خيار الإنفصال لم يعد مغريا بالمرة حتى بالنسبة إلى أولئك الذين لم يتمذهبوا بالوحدة يوما، في ظل ظروف عاصفة ومتغيرة أعطت المكون الجنوبي الصدارة والفرصة الكاملة لكي يقدم تجربته الخاصة والمغايرة سياسيا ووطنيا باتساع اليمن وتحت مظلة المظلمة اليمنية بأوسعها. وهذا ما لم يستوعبه "ضيقوا الأفق" ممن أبرموا تحالفا مصيريا مع سوء التقدير ومع "النزق" ومع "الارتجال" وراحوا يستثمرون في سوق مهجورة تاركين فرصا حقيقية للربح مع المجموع الوطني اليمني.

 

أحرق الزبيدي ورفاقه أوراقهم دفعة واحدة وبدون تردد. لكن الخسارة لا تتوقف هنا. لقد أحرق معه أيضا أوراقا وملفات كثيرة تراكمت على مدى ربع قرن بين مصراعي "القضية" و"الحراك" و"المظلمة".

 

بطريقة مختصرة ودونما إيغال في التحليل الاستدعائي والإسهاب النظري يمكن النظر إلى "إعلان" الزبيدي بوصفه ذروة التداعي التصاعدي لكافة تمظهرات الحركة الحراكية التي لا يمكنها بعد الآن أن تصل بعداً أبعد من هذا. لا السياسة ولا التاريخ ولا حركة الأحداث وتحركها سوف تكفل مزيدا من الترف المستنفد أو تتكفل بامتيازات من هذا القبيل، ابتداء من اليوم التالي مباشرة للإعلان الطائش والفقاعة المتطايرة.

 

وصلت الأمور مع إعلان ومجلس الزبيدي إلى نقطة النهاية. القضية الجنوبية استنفدت خيارات النزق وامتطاء الأمواج.

 

وعلى ما يبدو فإن إحدى تجليات ونتائج "تبادل الأدوار" بين قطبي التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، أكثر من كونه "تناقضا" بمعطيات التفاصل، تتمثل جليا في إيصال الأمور مع الارتجالية الصاخبة والنزق الجهوي لتمظهرات الحراك إلى مرحلة التجلي النهائي والإحتراق الذاتي بجرة "إعلان"... فعل وقال كل شيء تقريبا... إلا أنه وبهذه الطريقة لم يفعل أو يحقق شيئا ذي بال.

 

هذه نهاية جنائزية لمسلسل طويل، راكم خلاله الحراكيون عشرات الإعلانات والمجالس والانفصالات وفرمانات "الكفاح المسلح"، بينما كانت الفقاعة تكبر وتكبر خلال تلك المسيرة, وصولاً إلى النهاية الماثلة وانفجار الفقاعة.

 

لا أحد اليوم يمكنه المراهنة على مزاج إقليمي وعربي ودولي موات للنزق وللنزوعات التفتيتية في يمن مثقل بالأزمات ينبغي الاشتغال سريعا بإعادته إلى حالة السلم والدولة والسيادة والاستقرار.

 

أكبر وأخطر أخطاء سدنة الحركة الحراكية اليوم يتمثل في المراهنة على استقطاب تأييد طرف وقوة خليجية لمصلحة مشاريع فوضوية وارتدادية عن الدولة والشرعية الوحدوية.

 

لا شك أن هكذا رهانات وصلت بعاقديها إلى مرحلة الانكشاف الكلي والتعري و"الاحتراق المريح" أمام حالة مثلى من الإجماع الخليجي والعربي والإسلامي والدولي متحالف مع اليمن لانتشاله من الحرائق وضد منطق وخيارات تغذية المزيد من الحرائق أو مباركة مجانين جددا في زحمة منهم شمالاً وجنوباً.

 

بعيدا عن تضخيم "فعلة" عيدرس وإعلانه سيء التوقيت والمضمون والذكر، بوصفه تمثلا أخيرا لنزق يائس، ينبغي الاعتراف بأنه قد نجح إلى حد بعيد في تسديد ضربة قاضية لمشروع الانفصال وسدد رصاصة ينبغي أن تكون مميتة في رأس الحركة الحراكية المعبأة بـ اللا مشروع ومستنفدة المشروعية. وبهذا المعنى فقط يمكن الاعتراف لعيدروس الزبيدي ورفاقه بالنجاح!

شبكة صوت الحرية -

منذ 6 سنوات

-

1300 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد