كتب كتب

احمد علي عبدالله صالح ... ضع نفسك جنديا تحت امرة الماريشال او اصمت !

 

كتبه/ غازي المفلحي

كثيرون يروجون الآن لعودة احمد علي ليقود معركة التحرير واستعادة الدولة ، وحمل الراية خلفا لوالده  ، خصوصا بعد ان سمعوا تأكيده في بيان النعي بأنه "سيمتطي صهوة الجواد ليقود المعركة في مواجهة  أعداء الوطن والإنسانية "،  فهل لدى احمد علي فعلا ما يعزز الإعتقاد بقدرته على قيادة معركة مصيرية مثل معركة استعادة الدولة من الميليشيات الإنقلابية الإيرانية ؟

 

بعبارة اخرى ، مالذي يستأثر به احمد علي من عناصر القوة والحسم غير تلك التي كانت عند والده المغدور ؟

 

نحن نعرف ان مصادر القوة الرئيسية عند عفاش الأب كانت كالتالي :

 

1-    الحرس الجمهوري

 

2-    المؤتمر الشعبي العام

 

3-    القبيلة

 

4-    الأموال المنهوبة

 

لنمر عليها سريعا واحده تلو الاخرى ..

 

ـ فالحرس الذي تم بناءه على اسس قبلية وتم تمييزه بنوعية تسليح خاصة  ، سلم سلاحه بالكامل للحوثي كما تحول ولاء الشريحة الأكبر من قادته ومنتسبيه لهم ، ولم يكن تحويل هذا الولاء صعبا على هؤلاء طالما ان الحوثي هو الآخر يمثل بالنسبة لهم نفس الإنتماء القبلي والطائفي الذي تربوا عليه ، اما القسم الآخر فتوزع بين قاعدين في بيوتهم او الإنتقال الى مهن اخرى يعتاشون منها ، وامام هذا الوضع فإن اقصى ما هو متاح امام احمد علي الآن هو استقطاب افراد من ضباط ومنتسبي الحرس على اساس شخصي ، ومن الواضح ان تأثيره سيكون محدود في هذا الجانب .

 

ـ أما المؤتمر الشعبي العام فالجميع يعرف انه بعد افلات الرئيس هادي وخروج الجناح الوطني من المؤتمر معه  ، فإن ولاء من تبقى من القيادات كان لشخص علي عبد الله صالح طالما كان يمتلك سلطة او نفوذ ، اما وقد فقدها فقد تخلى عنه الجميع مستثنين حالة عارف الزوكا الفريدة الذي نقدم التحية لبسالته ، وربما ان بعض هؤلاء الذين تخلوا عن الأب سيتعاطف مع نداء الإبن وبعضهم قد يؤيده ، لكن ليس ابعد من ذلك ، فهم بالخبرة والتجربة لا يستهويهم حديث البذل والتضحيات بقدر ما يستهويهم حديث المنافع .

 

ـ واخيرا فإن القبيلة مع من غلب ، سواء كان بوجود احمد علي او غيابه ، ولنا في تجربة الأحداث الأخيرة عظة وعبرة ،  فلا يوجد بحسب علمنا حاكم قدم لهذه القبائل من الرعاية والتمييز والعطايا ما قدمه على عبدالله صالح ، ربما ظناً منه انها ستكون سيفه ودرعه عند الحاجة ،  لكنه عندما احاط به الخطر لم يجدها الى جواره ، ولم تبادر هي الى نجدته ، وظلت في موقف المتفرج وهي ترى جسده تتناوشه الذئاب الضارية  ، فما الذي يستطيع احمد علي ان يفعله وهو لا يكاد يملك شيئا من خبرة عفاش الأب بهم ، وتجربته معهم ، وتأثيره عليهم ؟

 

الورقة القوية

 

ـ تبقى ورقة المال هي الورقة القوية اذا صحت التقارير الدولية – وهي على الأرجح صحيحة -  التي تقدر ثروة عفاش الأب المنهوبة من الشعب بحدود 60 مليار دولار  ، لكن قدرة عفاش الإبن على استخدامها محدودة للغاية بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليه وعلى حركة الأموال الخاصة به وباسرته ، وعلى اي حال ليس مهما الآن ان تُطلق يده لإستخدام هذه الورقة ، يكفيه في الوقت الراهن التلويح بها من بعيد.

 

تلك كانت عناصر القوة المحتملة لأحمد علي ، وهي كما رأينا ليس بينها ما يمكن التعويل عليه كقيمة مضافة تسهم في حسم المعركة المحتدمه على تخوم صنعاء ، باستثناء عنصر الأموال الذي تلفه القيود والغموض .

 

لكن في المقابل هناك عوامل ضعف قد تخصم من رصيد احمد علي ولا تضيف اليه :

 

 اولا : افتقاد الكاريزما

 

في حياة عفاش الأب سار احمد علي في ظل والده متجنبا صنع صورة مستقله لنفسه ، ولهذا اقتصرت علاقاته على كبار المسؤولين في الدولة ، بالإضافة الى العلاقة الشخصية بضباط القوات المسلحة وبالذات في الحرس الجمهوري الذي كان يقوده ، لكنه على المستوى الشعبي ظل بعيدا عن الأضواء اللهم الا ما كان ينعكس على وجهه في المناسبات من اضواء أبيه الساطعة .

 

والآن وقد غاب الأب فإن امامه طريق طويل ليصنع لنفسه المكانة والتأثير الخاص به ، ولكي ينجح في هذه المهمة لابد ان يمتلك الكاريزما التي يحتاجها كل السياسيين الشعبويين ، فهل لديه هذه الكاريزما ؟ كثيرين يشككون في ذلك محتجين انه لو كانت عنده لظهرت علاماتها في وقت ما خلال 13 عاما من تولى قيادة اهم قطاع عسكري ، لكن علاماتها لم تظهر ابدا ، وهذا يعني انها غير موجوده .

 

ثانيا : التوريث :

 

ظهور احمد علي مجددا يمكن ان يعيد الى الواجهة الصراع القديم حول التوريث ،  فمشروع التوريث بنظر كثيرين داخل المعسكر المناهض للمشروع الإيراني كان الطامة الذي قاد الى سلسلة الكوارث التي عصفت بالمجتمع اليمني من 2011 وحتى الآن  ، البعض اختلف  مع عفاش الأب بسببه او تمرد وثار عليه  ، وبعضهم خاض المعارك وقدم التضحيات في سبيل اسقاطه ، وهؤلاء جميعهم سواء انتموا الى المؤتمر او كانوا خارجه يشكلون العمود الفقري في المعسكر المناهض للإنقلاب   .

 

عودة احمد علي ومعة العبيد الذين نادوا بـ " قلع العداد " في زمن الأب ، يمكن ان تفجر هذا المعسكر من الداخل ، اذا بدت هذه العودة وكأنها احياء لمشروع التوريث ، فالمشروع يفترض انه مات  ، ولم يتبق سوى دفنه مع صاحبه والى الأبد  ،.

 

ثالثا : العقوبات الدولية :

 

وهي واحده من اكثر نقاط الضعف عند عفاش الإبن  ، فالعقوبات الدولية التي طالت احمد علي كواحد من المعرقلين للعملية السياسية  بما فيها حظر السفر وتجميد الأموال ليس من السهل الغاءها الآن ، إذ يتطلب الأمر قيام لجنة العقوبات الدولية بتبرئة ساحته من التهم التي استدعت فرض العقوبات واقرارها بانتفاء الأسباب التي ادت اليها  ، وهذه قصتها طويله وحبالها معقدة .

 

الخطوة الحكيمة

 

اولا علينا التأكيد على حق احمد علي الإنساني والوطني المشاركة في معركة استعادة الدولة وان كنا لا ننصح بأن يكون الإنتقام لمصرع والده أحد اهدافه ، فالقضية الوطنية اكبر من الأشخاص حتى لو كانوا بحجم عفاش الأب .

 

 ولأنه يجد نفسه محاط بعوامل ضعف اكثر من عوامل قوة ، فان عليه التثبت والتيقن من سلامة الخطوة التالية التي عليه اتخاذها ليأخذ مكانه ودوره في المعركة .

 

وبرأينا فإن خطوتين وليس خطوه واحده يمكن ان يكونا المدخل المناسب الى هذا الدور والى المستقبل ايضا :

 

الأول : ان يعلن استعداده لإعادة اموال الشعب المنهوبه بعد استعادة الدولة واسقاط الإنقلاب، ومثل هذا الإعلان سوف يخلق له القاعدة الجماهيرية التي يحتاجها في هذه الظروف ويعزز صورته عند العامة كقائد نزيه ونظيف ، وهي الصورة التي افتقدها الناس خلال فترة حكم والده الممتده  ، وشكل غيابها الى جانب التوريث اهم اسباب الثورة عليه .

 

الثاني : الإعتراف بشرعية الرئيس هادي وحكومته باعتبارها  حجر الزاوية في معركة استعادة الدولة ، فهي الشرعية التي جاءت باختيار ورضى الشعب ، وتحت اعلامها يخوض جيش وطني الفصول الأخيرة في معركة دحر الإنقلات ، ومعها تحالف عربي داعم بالمال والرجال والسلاح ،  ومن وراءها مجتمع دولي لا يعترف الا بهذه الشرعية ، ولدعمها اصدر مجلس الأمن مجموعة من القرارات الدولية تحت الفصل السابع ، بما فيها القرار الذي حد من حركة احمد علي ، وقيد تصرفه بالأموال ، وصنفه كواحد من المعرقلين للعملية السياسة ، يضاف الى هذا أن العودة الى احضان الشرعية كانت هي قرار عفاش الأب في آخر ثلاثة ايام من حياته فيما يمكن اعتباره وصيته الأخيرة .

 

اذا اراد احمد علي الإلتحاق بمعركة الشرف لإستعادة الوطن المختطف ، فيتوجب عليه ان يضع نفسه جنديا تحت إمرة الماريشال هادي ، وهذه خطوة اولى ضرورية ليس فقط لأنه يحتاج الى شهادة حسن سيرة وسلوك تسبق إسقاط العقوبات الدولية عنه ، وليس فقط  لأن الشرعية هي بوابة النصر ، بل لأن شرعية هادي ـ بعد هذا وقبله ـ بوابة العبور الى الموقف الوطني .

شبكة صوت الحرية -

منذ 6 سنوات

-

1649 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد