سام الغباريسام الغباري

دعوا القلق جانبًا

- لسنا بحاجة إلى تفسير آخر للمبادرة الخليجية والقرار الأممي ٢٢١٦ ، إنه واضح بلسان عربي يستطيع أي ناطق للعربية قراءته واستيعابه وفهمه ، فكل ما أوقعنا في حرب ضروس مع الحوثيين هو الإنقلاب على الجمهورية واستحضار الولاية من أدغال التاريخ الهاشميآ

 

لماذا أنتم قلقون إذًا ؟ حسنًا .. سيرفض الحوثيون تسليم قطعة أرض واحدة ، أعلم ذلك ويعلمه محمد عبدالسلام أيضًا ، لكن اعلانهم الإنسحاب يعني أن تواجدهم غير شرعي وهو اعتراف قاسٍ اضطروا إليه بفعل الضربات الساحقة التي أرغمتهم على قبول تفاهم سويدي يدعم الشرعية الحكومية ، انسحابهم يعني أنهم ميليشيا - حتى إن لم ينسحبوا سلمًا - ليس لهم حق حُكم الناس المكبلين بالأصفاد والرعب ، وقد كانوا يظنون أنهم "الدولة" ، هكذا تهيأت لهم الحكايات ودارت في رؤوسهم أوهام الولاية وخرافة الاصطفاء . آمنوا بتفسير عنصري صاغه حسين بدرالدين في ملازمه الرثة نقلًا عن أسلافه القدامى ، فاندفعوا لإحاطة كل معارض بالرصاص والتفجير والترويع .

 

اليوم لم يعد في إمكان "إيران" تزويد الحوثيين بالمال فقد حاصرتها الأفواه الجائعة في "طهران" وتضخمت مطالب شعبها بالكف عن مغامرات "آياتها" الحمقى الذين لم يعلقوا على شيء مما يجري في السويد . بدا وجه "محمد عبدالسلام" ممقوعًا وخاليًا من نشوته التي كانت صاخبة في أحاديثه السابقة ، ابتسامة باهتة صافح بها وزير الخارجية السيد خالد اليماني ، وترددٌ مرتبك في التقاط صور شتى بجوار أمين عام الأمم المتحدة . يسأل "عبدالسلام" نفسه في تلك اللحظات : ما الذي فعلته ؟ لن يسمح محمد علي الحوثي لميليشاته القاصرة بالإنسحاب ، لن يتنازل ذلك البدين الكريه ! ، وسأبقى ملعونًا . نعم ستبقى كذلك لأنك مجرد لص .

 

أسئلته باهتة في ظل تأهب صقور قوات المقامة الوطنية بالحديدة لتعهدات التفاهم واستعدادها لفرض السلام بالقوة ، وتحركات صامتة في محوري نهم وصعدة ، وخسائر خطيرة في جسد الميليشيا المتورمة قيحًا وصديدًا وعنصرية. وفي نص قرار مجلس الأمن وضوح لا يقبل التأويل يفضي إلى انسحابها من واجهة السلطة بما يضمن عودة الحكومة الشرعية واجراء الانتخابات والتفاهم حول الدستور الجديد ، ذلك يعني أنها ستكون طرفًا في السلام كما كانت طرفًا في الحرب .

 

هذه هي الحقيقة .. فهل ستُنقِذ حظوظ "محمد عبدالسلام" جماعته من الغرق اللانهائي في مستنقع الخسائر . إنهم يشعرون بقلق الموت في صنعاء مع تعاظم كابوس النهاية ، قد تسعفهم السياسة اليوم كما لن يسعفهم خيار آخر ، جرّبوا القوة فعاقبتهم قوة أعظم، واحتشد اليمانيون للدفاع عن جمهوريتهم ومستقبلهم ، حاولوا المغامرة والمقامرة ، ولم يعد في حوزتهم صديق واحد . حتى مجاهد القهالي، أسوء العبيد يخشى إنفراده بأبي علي الحاكم ، لأنه سيقتله ثأرًا من معصية أعلنت عدائيته ! ، سيأكلون بعضهم كلما اقتربت السياسة أو اشتعلت فوهات المدافع . لا مفر.

 

قبل أن تكون السويد مملكة فهي تمارين رياضية ، خفة ورشاقة تُقوّي عضلات البطن والصدر لتحمل الضربات المفاجئة ، لم يكن العنف سمة السويد حتى في رياضتها ، بل مهارة تنزع حنجرة الخصم بضربة واحدة مميتة ، وأربعة أعوام من معركة النفس الطويل شأن لا تطيقه الميليشيا التي اعتمدت على رياضة المصارعة والعنف . وقد قضى مصارعيهم وملاكيهم في أغلب المعارك ، وشعر مُشجّعيهم بالغضب وأفلس متعهد حفلاتهم الذي راهن على الجسد المفتول وأغفل العقل . سيقررون إما الخُدعة ولن تنطلي على أحد ، وإما الموت وأقبية السجون . و ربع سُلطة معترف بها خيرٌ من سلطة بلا قانون أو أنصار . ذلك ما يفكر به "محمد عبدالسلام" على الأقل ، ولكنه تفكير لا يُشبع شبق الهاشميين في الدم اليمني ، مصاصو الدماء يسألون انفسهم متحسرين : لقد كُنا كل شيء ، وخسرنا كل شيء . وأنا أجيبهم بما قاله وأكده الله تعالى في كتابه الكريم ﴿ وَلا يَحيقُ المَكرُ السَّيِّئُ إِلّا بِأَهلِهِ فَهَل يَنظُرونَ إِلّا سُنَّتَ الأَوَّلينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبديلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحويلًا﴾آ

 

صدق الله العظيم .

 

سام_الغباري

شبكة صوت الحرية -

منذ 5 سنوات

-

851 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد