د. محمد شدادد. محمد شداد

كان على صالح...ولماذا؟

كان على صالح جزءً من السلوك الإنساني المتغير اللازم غير الثابت لنُظُم المنطقة، شكَّلته البيئة وصنعته الثقافة التي ترعرع ونشأ فيها ورافقته في مسارات عمره المختلفة، وانتهى بالطريقة التي أصر هو عليها فحصد غدر حلفاؤه الذين كان يؤمن بحقيقة سلوكهم الغادر فاتركوه. تأبط الشر وخانه ذكاؤه الذي شُهد له به من أعدائه قبل أعوانه، حتى حدث الذي أصاب المحللين بالإحباط من أن عصابة تسقط دولة وميليشيا تحمي قوات الجيش في مرابضها وألوية مدرعة من عدوان القاعدة بحسب تصريح محمد البخيتي على قناة الجزيرة بعد السقوط!!

ولم يكن حزبه استثناءً عن باقي أحزاب نظم المنطقة التي ما إن يتم صعودها إلى سدة العرش عن طريق الانتخابات الاعتيادية في الدول النامية حتى تعيد ترتيب وضعها السياسي كما تقتضيها المرحلة وتقوم بسن القوانين وتصيغ المواد الدستورية واللوائح الإدارية وفقاً لمصالحها ومصالح الطبقات الاجتماعية والسياسية التي دفعت بها إلى سدة الحكم، وما إن يتم لها الغلبة على خصومها حتى تنثني عليهم تهميش وتشهير وإقصاء وملاحقه وكأنهم كانوا أعداء تاريخيين ولم يكونوا يوماً شركاء أو يجمعهم قاسم مشترك الوطن.

 

 رحل قبل أن يُفكِك اللغز لكُتَّاب التاريخ ما الذي كان يريد لأنه لم يكن يوماً إمامياً ولم يدَّعيها بل يمقت الكهنوت وعصاباته لأن الإمامة لا تُجيز لمثله تولي السلطة بحسب زعمهم أن جيناته ليست مقدسه وعرقه الحميري عدو الهاشمية وعصاباتها المارقة.

ولأن أباءه ذاقوا مرارة الفقر والإهانة والعذاب من أسلاف من اتحد معهم في نهاية عمره الجدلي الطويل، كان يحتقرهم ويعرِّض بهم في كل خطاب إبان حكمه وحياته فما السر إذن أيها الراحل وقلوب اليمنين تهيم حزناً مما أصابهم وأصابك، تاريخاً قد يحمده الناس بعدك ويثنون عليه يقرؤونه بشغف ممن أحبك، ويتلو عليه آيات السخط ممن خالفك.

 

 

تلك طبيعته البشرية التي اعترته وسكنته كما سكنت كل البشر أفضى صالح إلى ربه سيحاكمه التاريخ ويسطره حيث وضع نفسه وسيحاسبه الله أو يعفو عنه لأنه هو صاحب الميزان وأبواب الجنة والنيران.

 

 

 المتوجب علينا تركه لربه وننظر إلى العدمية والخوف والمعول التاريخي الهدَّام من حولنا، وإن كان يوماً خصماً أو حليفاً لها فلنترك صالح ونتجه نحو الدعوة الحوثية السلالية الكهنوتية الدخيلة، التي تَعرَّت وألقت ملابس العفة عنها، عندما أحكمت صنع الخلاف بين أيادي سبأ، تخللت في صفوف الرجال في كل حزب أغاروا الصدور أشعلوا حرائق الاختلاف تسللوا على ضوئها إلى مساكن أبناء اليمن أقلقوا أمنهم والسكينة.

 

 

خافوا توحد صف اليمن لأن فيه تلاشي مشروعهم وثبات مشروع حكم اليمن لأبنائه كما كان في أجدادهم عبر القرون، خافوا الألفةً والاتلاف بين أجنحة السلم والسياسة خافوا تنور عقول اليمن خافوا من الاعتصام بحبل الوطن. فزرعوا الألغام في كل باب وفي ناصية كل مسار فخخوا القلوب قيل المباني.

 

 

 

أعادوا ذكرى تاريخ طعنات الصفويين في جسد الأمة وقادتها لهم تاريخ منذ أن قامت دولتهم على يد مؤسسها الدرويش إسماعيل الصفوي فارس عام 1487م بدءً من غدرهم بالدولة العثمانية إبان حروبها لفتح أوروبا وانسحابهم مرتين من العمق الأوروبي والعودة لحربهم في المشرق وانتهاءً بتدمير الدول المجاورة لإمبراطورية الفرس المتوخى عودتها على أنقاض حروب العرب اليوم.

شبكة صوت الحرية -

منذ 5 سنوات

-

852 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد