د . فائزة عبدالرقيب سلامد . فائزة عبدالرقيب سلام

بين تنمر الامارات وحكمة السعودية وصبر الرئيس

    وانا اتابع ما ال اليه الوضع في بلادنا بعد خمس سنوات عجاف من الحرب، صدمني التنمر السياسي الذي تتبناه  دولة الامارات و تسعى فيه الى فرض ارادتها والعمل بما يلبي مصالحها وهيمنتها والسيطرة على جزء حيوي من بلادنا مستغلة وجودها ضمن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الذي جاء من اجل دعم الشرعية الدستورية وتحرير الاراضي اليمنية من المد الايراني.


     الحقيقة لا يوجد تفسير اخر للعبث الاماراتي وهي التي اعترفت صراحة بإنشاء وتجنيد ودعم نحو 200 الف جندي يمني كمليشيات تابعة لها خارج سيطرة الحكومة الشرعية تدرعت في بادئ الامر بان تشكيلها لغرض مكافحة القاعدة والارهاب ولكن الحقيقة اليوم تؤكد بان الامارات اصبحت تعمل على  تقويض الشرعية وتقف حائلا  امام حكومتها وتضع العراقيل الامنية لتمنعها من تنفيذ مهامها في العاصمة المؤقتة عدن متماهية الى جر الحكومة الى صدامات عسكرية وهو الامر الذي تدرك ابعاده ولن تقدم عليه حكومة الشرعية مطلقا لأنه سوف يضاعف من جراح الجنوبيين وتوسيع دائرة الخلاف وتمزيق النسيج الاجتماعي اكثر فأكثر وهو ما تتطلع اليه الامارات ويلبي اجندة تنمرها السياسي وهو المسار الذي يؤكده انشاؤها لمليشيات اخرى في سقطرى والمهرة اللتين لم تشكوا يوما ما من التطرف او الارهاب او القاعدة .


    من جانب اخر، فان الصمت السعودي   وان كان ظاهريا ازاء العبث الاماراتي لا يعني ان السعودية ليست مطلعة على ما يجري ولكنها تتعاطى مع الاحداث بحكمتها السياسية المعهودة في سياستها اجمالا كما ان حرصها في الظهور مع الامارات كقوتين متحالفتين يؤكد بان السعودية تتعامل بحرص ومسئولية بصفتها قائدة للتحالف العربي و بصفتها دولة محورية في الخليج و المنطقة العربية وتلعب دورا مؤثرا على المستوى العالمي وبالتالي فهي لا تريد ان تخسر أي خيط في العملية السياسية ولا تريد افشال المهمة التي تحملتها رغم كل الضغوطات الدولية التي تواجهها خاصة ان الدول العظمي لا تريد ان توجد أي مرجعية عربية اسلامية سياسية وعسكرية تستطيع ان تحل مشاكل الامة العربية والاسلامية ولا تريد ان يتحقق أي نجاح لها لان ذلك يقوض تدخلها مستقبلا في هذه الدول وفقا لما نعرفه عنها وعن استراتيجيتها عند التدخل في شئون أي دولة واكتفائها بتحريك اذنابها وعملائها متى شاءت ذلك.


     وعلى الرغم من الحمل الثقيل والكلفة التي تتحملها السعودية في عملية تحرير المناطق التي تهيمن عليها مليشيات الحوتي و تحملها ملف الجنوب وانجاز تنفيذ اتفاق الرياض وما يكتنفه من مظاهر التباطؤ في التنفيذ ومؤشرات بوادر العرقلة الا ان الامل ما يزال يحذونا بان السعودية قادرة على التقدم نحو الامام وانها بحكمتها وسياستها المتوازنة وسيطرتها على الامور تعزز من ثقتنا بها وحتمية الانتصار في نهاية الامر لان أي خسارة في هذه الحالة تعني خسارة للجميع وسوف يترتب عليها تصدعا كبيرا في سياسة واقتصاد المنطقة بصورة عامة. 


     كما ان الدور الرئيسي الذي اضطلع به شخص فخامة الرئيس عبدربه هادي حفظه الله، الذي سوف يحتفظ به التاريخ لقائد فذ انقذ بلاده من العودة الى الماضي الكهنوتي المتخلف بفضل قدرته وحنكته القيادية منذ ان انتخب خلفا للرئيس السابق مرورا برسمه خارطة طريق نحو الانتقال الكامل لليمن إلى دولة تدعم الديمقراطية والحرية وسيادة القانون وحقوق الإنسان والحكم الرشيد عبر مؤتمر الحوار الوطني الشامل  و كذا حنكته في ادارة ملف الانقلاب الحوثي وكافة  المعضلات والاحداث التي رافقت هذا الملف  او علقت على هامشه وحتى يومنا هذا مازال فخامة الرئيس يستبق فيها المواقف المتخاذلة بقرارات وتوجيهات تنم عن نظرة ثاقبة وبعد نظر وقراءة عميقة   للمشهد السياسي والمتغيرات الدولية تفشل الرؤى والافعال الديماغوجية في مهدها. 


    ان المشهد العام لثلاثية تنمر الامارات وحكمة السعودية وصبر الرئيس وحالة الضبابية التي تعتري المشهد السياسي،  كأني بها امام مثلث برمودا الذي يحوي بين احد اضلاعه الثلاثة الوجه القبيح من المكر واقتناص الفرص و حب الهيمنة الغير مشروعة   بينما الضلع الاخر تتجلى فيه الحكمة والحنكة والحزم والعزم والنبل والمكانة  الكبيرة لاهم دولة محورية في المنطقة اما الضلع الثالث هوما جسده وما يزال يجسده شخص فخامة الرئيس وما يتمتع به من قوة صبر ورباطة جأش والمقدرة على التحمل والاستمرار وكأن فيه من صبر النبي ايوب عليه السلام بما ابتلاه، الا ان مثلث برمودا في هذه الحالة هو بمثابة  مساحة للسفر في الزمن والمكان لا تفقد فيه المواقف ولا تبتلع الى اعماقه سوى الاسرار الأكثر غموضاً التي تكتنف الاحداث الجارية حرصا في ايجاد حل سلمي وفق المرجعيات الثلاث والقرار 2216 وتنفيذ اتفاق الرياض والوصول الى تسوية سياسية كاملة تضمن توقف الحرب نهائيا في عموم اليمن وترضي جميع الاطراف.

شبكة صوت الحرية -

منذ 4 سنوات

-

944 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد