موسى عبدالله قاسمموسى عبدالله قاسم

تعز.. سبورة الوطن والوطنية

ظلت تعز حاضرة في كل الأحداث الوطنية المفصلية خلال القرن الماضي، لم تتراجع يوما أو تتخلى عن القيام بدورها المعهود، ساهم أبناؤها بقوة في صنع الكثير من الأحداث التاريخية والتحولات المفصلية في شمال الوطن وجنوبه.

كل حركات التحرر الوطنية نشأت في تعز ورسمت ملامحها في تعز, فكانت تعز جداراً وطنياً لثورة سبتمبر ومنطلقا صلباً لثورة أكتوبر, وكان لشبابها قصب السبق في إنطلاق أول شرارة لثورة فبراير.

منذ الأيام الأولى لعودة الإرهاب الهاشمي كانت تعز الهدف الأبرز للغزاة، لتركيعها أولاً، ولتحييدها عن لعب أي دور محوري وطني ثانياً، سيما وأنها عبر تاريخها العابق الطويل كانت السبَّاقة في كل فعل وطني جامع.

ورغم ذلك لم تركع تعز، وهي قطعاً لا تعرف الركوع مهما كانت التضحيات، فكان أن صمدت وقاتلت بشموخ صبِر الشامخ، وصبْر وادي رسيان الرحيب، ولهذا تعرضت للتقتيل والتدمير والتجويع والحصار، بشكل لا يُصدّق ولا يتخيله عقل، فتجاسرت على وجعها وظلّت على وثوبها المبدئي بعزّة وإباء، ومسار بوصلتها الوطني ثابت لا يعرف الميول أو الالتواء.

صحيح إنها عانت كأن لم تعانِ مدينة مسالمة من قبل, لكنها من رحم تلك المعاناة خرجت لتنتصر لنفسها ولهويتها الوطنية ولتاريخ أبنائها الذين افتدوا الجمهورية بأفئدتهم وقدموا أرواحهم في سبيل الوطن اليمني الكبير الذي رسموه بأحلامهم وعبدوا طرق الوصول إليه بجماجمهم ودمائهم الزكية.

لم يقتصر دور تعز على حمل البندقية الجمهورية، لقد مضت تعز جاهدة بسواعد أبنائها لتغسل وجه البلاد الجهول، حاملة اليراع بكلتا يديها، جائبة به عرض البلاد وطول، حتى خارت قوى القلم ولم تزل الأنامل في أوج قوتها وحركتها، كل ذلك لأنها كانت واثقة أن صباحات الوطن ستكون مُشرقة وضاءة بحسن إمساك القلم.

تعز التي أضمأت الحرف من عرق طريقها النضالي الطويل، وهي تسير نحو وطن يمني واحد، يعيش فيه اليمنيين أحراراً كِراماً، كانت ولاتزال قاهرة بقلعتها، شامخة بصَبِرها، عصية بوثوب أقيالها الكرام، وهاهي اليوم سهاماً ومقبض سيف للثائرين، ومصنع فخر لرجال ركبوا صهوات العز وكللوا اليمن الجمهوري بالنصر المبين.

لم تنكفأ تعز يوماً على ذاتها و لم تنزوِ عن محيطها، ولا يمكن لهذا الأمر أن يحدث لأن سِفر تاريخها يفند ذلك بوضوح.

تعز هي صولة الحق, ورائدة التغيير, تحمل هم اليمن كل اليمن من جبال صعدة وحتى مُنتهى المهرة.

تعز البدايات، تعز النهايات، هي أول محبرة وآخر طبشور، هي سبورة الوطن الأولى، وحاملة مشروعه التحرري على امتداد التاريخ.


هذه تعز يا غبار التاريخ, هي نقش اليمن الخالد، صدرية لا تعرف الإنكفاء أو الهزيمة، تعز الحاضر هي تعز الماضي وأقوى، لا تعرف سوى النصر المؤزر بأرواح الشهداء ودمائهم، وبصمود شجعانها في سوح الكفاح والنضال لإسترداد وطنهم المفدى وجمهوريتهم الخالدة.

شبكة صوت الحرية -

منذ 3 سنوات

-

595 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد