فؤاد الشراجيفؤاد الشراجي

التعليم في قاموس المليشيا.. أداة حرب لا وسيلة تربية

مناهج التعليم في اليمن لم تعد كما عهدناها وألفها الطلبة زاخرة بالمواضيع الوطنية، التي تخلد سير الأبطال وتغرس في نفوس الطلبة حب الوطن وصدق الإنتماء؛ فقد أصبحت اليوم بفعل سياسيات مليشيا الحوثي الإنقلابية طائفية بامتياز.

فمنذ اليوم الأول لانقلابها على الدولة اليمنية، عمدت المليشيا إلى وضع يدها على المؤسسات التعليمية بغية تحويلها إلى منابر طائفية تستخدمها للتعبئة والتظليل على السكان القاطنين في مناطق سيطرتها.

فخلال الأعوام الماضية قادة المليشيا عمليات تغير واسعة طالت المناهج الدراسية خدمة لأجندتها، والمتمثلة بطمس الهوية الوطنية واستبدالها بهويتها الطائفية، والتي كان آخر فصولها طباعة مناهج دراسية بمواضيع طائفية لم تعهدها العملية التعليمية منذ قيام الجمهورية.   

وبإقدام المليشيا على هذه الخطوة، تكون العملية التعليمية في اليمن قد دخلت مرحلة الصراع كإحدى أساليب الحرب الجديدة التي تستخدمها المليشيا في تجهيل وتفخيخ عقول الطلبة، في إطار جهودها الرامية إلى بناء جيل عقائدي في المناطق الخاضعة لسيطرتها، تستخدمه في صراعها مع اليمنيين.

وبالعودة إلى بدايات نشأة الجماعة الحوثية نلحظ أنها اعتمدت بشكل كبير على طباعة وتوزيع الكتب الطائفية، والتي هدفت من خلالها الوصول إلى أتباعها في مختلف مناطق الشمال اليمني، وتبعتها بطباعة ملازم زعيم الجماعة حسين الحوثي والمعروفة حوثيًا  "بالقران الناطق" والمنتشرة بشكل كبير في أوساط عناصرها، خاصة في جبهات القتال.

وتعددت وسائل وأساليب الجماعة في تدمير العلمية التعليمية، حيث قامت بتدمير معظم المدارس والمركز التعليمية وتحويل ما تبقى منها إلى ثكنات عسكرية، مرورًا بتغير أسماء بعضها واستبدالها بأسماء بعض قادتها ورموزها الذين سقطوا صرعى بنيران الجيش الوطني في مختلف الجبهات، وصولًا إلى حرمان المعلمين من رواتبهم؛ ليتسنى لها استقطاب الأطفال وتجنيدهم للقتال في صفوفها.

ومع بدء كل عام دراسي نرى الجماعة تبتدع  أساليب جديدة في التعبئة والاستقطاب من خلال إنشاء المراكز الصيفية -الرافد الأبرز للجبهات بالمقاتلين- حيث تقوم المليشيا من خلال تلك المراكز بغرس المفاهيم الخاطئة في عقول الطلبة سواء في الإذاعات المدرسية أو المناسبات الطائفية، ليتسنى لها السيطرة عليهم وتوجيههم حسب أهوائها ومصالحها.  في المقابل نجد الحكومة الشرعية غير آبهة بتطوير العملية التعلمية - الركيزة الأساسية للتنمية والبناء- وانصرافها إلى مجلات أخرى لا تخدم المواطنيين بل تضاعف من معاناتهم.

فسياسيات التجريف الحوثية التي طالت المدارس، سبقتها سياسيات مماثلة طالت الجامعات اليمنية، ما أدى إلى هجرة المئات من الكوادر التعليمية إلى الخارج، إضافة إلى إجراءات تعسفية تمثلت بالفصل من الجامعات طالت معظم الأكاديميين والمدرسين ممن لا يؤمنون بأحقية الجماعة في الحكم.

فبقاء التعليم تحت رحمة المليشيا يعقد من فرص حل الصراع وإنهاء الحرب، ويزيد الشرخ المجتمعي الذي تحاول المليشيا استغلاله لصالح مشروعها السلالي البغيض، إذ يجب على طرفي الصراع تحييد العلمية التعليمية وإبقائها خارج معادلة الصراع، لكونها وسيلة تعليم وتربية لا أداة حرب وتضحية.

شبكة صوت الحرية -

منذ سنتين

-

619 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد