محليات

صعدة وتعز.. قصص انسانية خلفتها الحرب

صعدة وتعز.. قصص انسانية خلفتها الحرب

عمار فارس يلخص قصته بألم " "ما أقدرش أوصف حزني، لو كتبت ملايين الكتب ما تعبر عن مأساتي الكبيرة"، فقد اختطفت ضربة جوية لقوات التحالف العربي روح زوجته وولديه في منطقة مران بمديرية حيدان في صعدة، و بالمثل عزيزة قاسم في تعز تتوقع نهايتها في اللحظة المقبلة ،" تقول " كل يوم اتوقع ان تكون نهايتي جراء القصف الذي يشنه مسلحو الحوثي والقوات الموالية للرئيس السابق صالح على المدينة" مخلفة مئات القتلى منهم ابن اخ عزيزه الذي مزقته قذيفة فيما اخوه يعاني من إصابة بليغة.

في تعز وصعدة وغيرها من المدن اليمنية آلاف الأسر التي تتقاسم الألم، ويروى عمار قصته " أنه لم يكن في المنزل حينها، فقد كان في صنعاء لمزاولة عمله حين تلقى الخبر في صباح  الثاني من سبتمبر العام الماضي. ويقول بحزن "لم أفقد عائلتي فقط بل كان في بيتي زوجة أخي وأولادها الثلاثة وعمتي في زيارة عائلية لولادة زوجتي.... كلهم ماتوا". يضيف عمار بتحسر " "كان عمر طفلي عشرة أيام وتوفى في الغارة".

المواطنون هنا في صعدة يدفعون ثمناً باهضاً جراء الحرب، والألم يتشاطره كل أبناءها، فالحرب طالت أغلبية منازل المدينة ويقول " عمار "  لا توجد قرية او مديرية لم تضرب، لايوجد بيت إلا وفيه مأساه" .

عزيزة بنت تعز، وعمار ابن صعدة، وغيرهما عشرات الألاف من الأُسر التي انهكتها الحرب، ومنذ بدء الحرب عقب حصار مسلحي جماعة الحوثي الرئيس عبدربه هادي، ثم التمدد إلى المحافظات الأخرى، وإنطلاق عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية  أواخر شهر مارس العام الماضي  بلغ عدد القتلى ما يقارب 5700 شخص منهم 2800 مدني وأكثر من637  طفل.

وبلغ عدد الجرحى5324 جريح طبقا لأحدث تقارير الأمم المتحدة الصادرة في يناير 2016وتتوقع أن تكون الأرقام  أعلى مما هو مسجل لعجز العددين من الوصول إلى المراكز الطبية.

ام محمد وحفيدتها " من صعدة " قصة مأساة أخرى. كانت الطفلة تتأرجح في المزرعة المجاورة للمنزل بينما كان أولادها يزرعون الخضار حين قصف طيران التحالف العربي المزرعة والمزارع المجاورة، وأصيبت أم محمد وحفيدتها بجراح جراء سقوط إحدى القنابل المنتشرة على الشجرة التي تلعب بها.

تقول أم محمد "  نخاف عندما نخرج إلى المزرعة ان تنفجر علينا القنابل التي سقطت ولم تنفجر ". ومع ذلك يشرح ابنها محمد بأنهم يعانون لكنهم مضطرون للنزول إلى المزرعة كونها  مصدر رزقهم، فيحاولون توخي الحذر مخاطرين بحياتهم للتخلص من القنابل المترامية فيها.

يقول " نحاول أن لا نمسك بأي مادة غريبة والقطع التي عندنا شك أنها قنابل نسكب عليها مادة البنزين أو الديزل حتى تنفجر بشكل تلقائي وتتلف".

ويؤكد محمد أن هناك قصص مشابهة لأشخاص أصيبوا أو قتلوا جراء استكشاف أراضيهم الزراعية في جوار مزرعتهم.

مستشفيات ومراكز صحية مغلقة

عزيزة غادرت منزلها مجبرة إلى عدن، وما زالت صورة مقتل ابن اخوها حاضرة في مخيلتها، لا يمكنك أن تتخيل حجم المأساة عندما تصاب ولا تجد مستشفى أو أطباء قادرون على إنقاذ حياتك.

تسببت الحرب في إغلاق العديد من المراكز الطبية في تعز وما تبقى منها يحاول تقديم الحد الادنى من الخدمات في ظل حصار خانق على المدينة من قبل مسلحي جماعة الحوثي والقوات الموالية للرئيس السابق صالح المسيطرين على مداخل المدينة، حيث يمنعون دخول المياه والغذاء والدواء.

يقول مدير عام المستشفى الكندي بتعز الطبيب عبداللطيف مجلي أن المستشفى أغلق ابوابه عقب تضرره جراء  قصف طيران التحالف لمقرات عسكرية  قريبة تابعة لجماعة الحوثي والموالين لهم من اتباع الرئيس السابق صالح، الأمر الذي تسبب في دمار المستشفى وكل الأجهزة والأدوية المخزونة.

ويضيف مجلي "  92شخص من طاقم المستشفى بلا مصدر رزق"، فيما اضطر هو إلى الانتقال إلى محافظة اب. يقول " أنا الآن من نزوح لنزوح، عيادتي قصفوها الحوثيين، بيتي انسرق وانحرق، لايوجد أحد في مأمن ".

فتحي نبيل، ناشط من صعده شهد مع سكان مدينته اثار الدمار التي خلفتها غارات التحالف العربي على مدى ما يقارب تسعة أشهر، يشرح فتحي أن الغارات بدأت بإستهداف مراكز الخدمات الأساسية كمؤسستي المياه والكهرباء و محطات الوقود والغاز، ومع مرور الوقت شملت الغارات الأسواق العامة والممتلكات الخاصة كالمزارع و المنازل وحتى المراكز الصحية والبنى التحتية.

فتحي يقول أنه شارك بإسعاف ضحايا قصف سوق "ال مقنع" بغارة جوية في صعده في أحد الأيام السابقة لعيد الأضحى السابق، ويضيف " القصص دامية واللسان يعجز، ففي ضربة واحدة راح  أكثر من مئة قتيل ".

مدير مكتب الصحة في صعده عبدالاله العزي قال في بيان خبري أن غارات التحالف العربي قصفت أكثر من 40 مركز طبي، واستهدفت الصيدليات لإعاقة تقديم الإسعافات الأولية للجرحى، وأن المدينه تعاني نقصاً حاداً في الكوادر الطبية نتيجة قصف المراكز الطبية ومقتل أطباء أثناء أداء مهامهم الإنسانية.

نقيب الأطباء في تعز صادق الشجاع ندد بالإستهداف المباشر للمراكز الطبية في تعز من قبل مدفعيات الحوثي، وأفاد أنه لا يوجد إلا مركزيين رئيسيين لاستقبال الجرحى وبعض المراكز الفرعية، وأن هناك حصاراَ خانقاً يفرضه مسلحو جماعة الحوثي وصالح لمنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية من الدخول إلى المدينة.

"نضطر لجلب إسطوانات الأكسجين من عدن بطرق جبلية وعرة، ويستغرق ذلك من 7 إلى 10 أيام، وتكلفنا الأسطوانة 70$ بدلاً من 20$ في الأوقات العادية"

ويضيف الشجاع :

"الوضع الإنساني والطبي في اليمن لا يوصف، أناشد حكومة هادي والتحالف العربي بفك الحصار عن مدينة تعز".

بغض النظر عن الظروف الأليمة التي تمر بها اليمن، الأمل لا يزال نابضاً في قلوب اليمنيين بأن تنتهي هذه الحرب، وأن ينعم اليمنيون بالأمان، وترتفع أصواتهم بالدعاء كالجدة شام، الثمانينية التي نزحت من تعز إلى صنعاء بعد تعرض منزلها لقذائف مدفعية. وتلهج بالدعاء " ربنا يفرج الغمة عن اليمن وما يحضر شهر رمضان إلا ونحنا ببيوتنا سالمين امنيين".

 

 

نقلا عن موقع "  المشاهد  " 

محليات -

منذ 8 سنوات

-

2531 مشاهدة

اخبار ذات صلة

أهم التصريحات المزيد