كتب كتب

الأعرج الوسخ

في 2014 وقف العميد حميد القشيبي سدّاً منيعاً أمام الزحف الحوثي القادم بلا موعد، وقبلها حاول صدّهم في ضحيان ومرّان ودمّاج، لم يكن هناك عدواناً سعودياً، ولا اماراتياً ولا غيره، بل إن القشيبي امتثل لأوامر وتوجيهات القائد الأعلى علي عبدالله صالح، وراح يقف أمام التمرّد الحوثي في كل الوديان والشعاب، وفي خضم ذلك، تعرّض الرجل لإصابة بالغة، جعلت منه أعرجاً لكنها لم تجعله وسخاً. 

إتكأ القشيبي على عكّازته، وظل في موقفه، يحرس الجمهورية في الشمال، بينما قائده تحالف مع الحوثيين في 2014 وأمر الحارس الأعرج أن يغضّ الطرف، لكن هذا الحارس، ولأول مرة، رفض توجيهات القائد، أبا أن يكون وسخ رغم عرجته وكبر سنّه، تذكّر آلاف الجنود الذين قضوا في الحروب الستة التي أدارها صالح، ومضى يدافع عن المدينة بعصاه، بعد أن خذله هادي، وجفاه مكتب القيادة. 

قد يصفه البعض بفقره السياسي، لكن الأغلبية تؤمن بثروته العسكرية، ونهمه الجمهوري، ذلك النّهم الذي جعله يواجه الأعداء من أمامه ومن خلفه، حتى سقط كما سقط سليمان بعد أن نخرت النمل عصاه، فما كان من "الجن" إلا أن استفاضوا فرحاً بموته، وراحوا ينهبون مملكته الصغيرة، ويدنسون تاريخه العظيم. 

القشيبي ليس ملاكاً وله ماله وعليه ما عليه، إلّا أنه ليس وسخاً كما وصفه صالح في مكالمته مع كهلان، التي سرّبتها قناة الجزيرة. نستطيع أن نصفه بالمتمرّد على "الزعيم"، لكنه أبداً لم يتمرّد على 26 سبتمبر، بل لقد أثبت بأنه آخر حرّاسه وآخر قلاعه. 

كثيراً من الكُتّاب تردّدوا في الكتابة عن القشيبي في هذه الأثناء التي طغى فيها أعداءه، وأنا واحدٌ منهم، ولكن وصفه بـ"الأعرج الوسخ"، من قِبل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، جعلني أخرج عن الدائرة الرمادية. فإذا لم أكتب ما يخطر ببالي الآن فلن أكتبه وأنا تحت التراب.

 لو كان القشيبي حياً يرزق، لدافع عن نفسه، أمّا وهو تحت التراب، فلا بد أن نقول الحقيقة فيه، لا بد أن ننصفه، وإلّا فلا داعي لوصفنا كُتّاب، بل إمّعات تنبح على الرايح وتصفق للجاي، رحم الله الأعرج، الذي مات واقفاً، نظيفاً، ولا نامت أعين الأمّعات الذين يحملون أقلاماً وسخة. 

#عمار_الأشول

شبكة صوت الحرية -

منذ 7 سنوات

-

1478 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد