كتب كتب

منتخب الإفتاء الحوثي

عبد الله شروح

 

حين ييأس الناس من قدرة السياسي الحاكم على تحقيق الغاية المنوطة به وهي ” القيام على كل شؤونهم بما يصلحها ” ، فإنهم يتوجهون باهتمام صوب المؤسسة الدينية والمتمثلة بهيئة الإفتاء طلباً للرأي الناجع في هذه المسألة ليؤطروا حركتهم الرافضة لعبث الحاكم من خلالها ، مطمئنين بذلك أنهم لن يتجاوزوا بهذه الحركة سياج الشريعة الحاسم . في مجتمعاتنا الإسلامية عموماً وفي مجتمعنا اليمني على وجه الخصوص ثمة للفتوى السياسية المتدثرة بزي الشريعة الإسلامية اليد الطولى في تحشيد الناس وتأطيرهم ضمن مسار محدد ، وذلك لما للعقيدة في نفوسهم من مكانة ، ولما للعلماء من إجلال واحترام وتقدير .

وكون المسألة على هذا النحو ، فلا بد من استقلال القضاء بجميع هيئاته وآلياته ، استقلالاً تاماً عن كل السلطات الأخرى ، إذ لم فلن يستطيع القضاء إلا أن يكون أحد الأسلحة الفتاكة التي يستخدمها الطغاة من أجل تخدير الناس وسلب إرادتهم ، والعبث بمصائرهم ، والتأريخ الإسلامي مليء بالأمثلة الشارحة لهذه المعضلة .

من الأمور المشينة في أغلب البلدان الإسلامية _ واليمن الحبيب أحدها _ أن لا استقلالية للقضاء ، فلا يعدوا القضاء أن يكون إحدى وسائل الحاكم ، وأحد أجهزته التي يحركها بمشتهاه ، وليس القاضي _ في أغلب الأحيان _ إلا موظف يتقاضى راتبه الشهري من المؤسسة القضائية ، وينتظر ما يملي عليه الحاكم ليؤديه بحذافيره خوفاً من سخط الحاكم الذي بيده العنق ، وقوت العيال ! .

إن الإجراء الذي اتخذه الحوثيون بتعيين هيئة إفتاء تابعة لهم ، وفقاً لمقاسات مصالحهم وما يقتضيه واقعهم السياسي البائس _ على الرغم من كونه إجراءً بات خارج سياق التأثير الواقعي باعتبار الجماعة أصبحت غير قادرة على الفعل إلا في إطارٍ محدودٍ جداً ، وغدت بلا أفق يمكنها التنفس من خلاله _ لهو جريمة تضاف لقائمة أشنع جرائمهم ، وهو أمر يظهر صدق كل التخوفات التي أطلقها الواعون منذ تولي هذه الجماعة النشاز على مقاليد الأمور بالبلد ، بأن هذه الجماعة تشكل خطراً حقيقاً على كافة الصُّعُد ، بما في ذلك الصعيد الديني ، والتشريعي ، فعلاً إنها ” الجماعة الكارثة “

شبكة صوت الحرية -

منذ 7 سنوات

-

756 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد