محمد المقبليمحمد المقبلي

استحضار جار الله عمر (1)

بعد ليالي من انقطاع الانترنت عاد مجدداً الى غرفتي في اللحظات التي كنت في أشد الحاجة إليه أكثر من أي وقت مضى، ولا أدري لماذا في هذه الليالي أفتح نافذة الغرفة وأطالع في النجوم ليس من باب الإحصاء ولا من باب الشجن الملازم لأغنية علي بن علي الآنسي " نجوم الليل تسألني " ولكن من باب الحنين الى البلاد التي كلما حاولت التصفية المؤقتة للحنين اليها تكثف اكثر مثل تلك السحب التي كانت تخيم على وديان ريف سهول اب.

 

 

 

هذه الليالي أستحضر جار الله عمر أكثر من أي وقت مضى لأسباب لها علاقة بالوجدان اليمني في ظل هذا الفراغ الرهيب للقدوة الوطنية أو ما يسميها هائل سلام المثل الوطني الأعلى، وصحيح أن هنالك قدوات نضالية ووطنية ومعرفية في اللحظة اليمنية الراهنة، لكن ربما خبرة جار الله عمر السياسية الممتدة لعقود طويلة كان لها كلمة الفصل في القدرة على إنجاز الرؤى والتحركات الوطنية في اللحظات المفصيلة والحساسة.

 

 

 

عندما فكرت بالكتابة سألت نفسي لماذا استحضار جار الله عمر الآن وليس في ثورة الشباب مثلاً أو في لحظة انطلاق الحراك أو في لحظة التسوية السياسية وحكومة الوفاق التي كان ربما سيقدم فيها بصمات قد تقلل من المخاطر التي انزلقنا اليها وانتجت هذه المأساة اليمنية الراهنة.

 

 

 

لم أجد إجابة منطقية، والمقاربة التي توصلت اليها مقاربة شخصية من بينها أنه في فترة الثورة الشبابية كان وجود ياسين سعيد نعمان مع محمد قحطان الى عبد الكريم الارياني في المؤتمر الشعبي العام وآ خرين جعل المشهد ليس بهذا الفراغ المهول على صعيد الطبقة السياسية، وإن كانت تلك المرحلة قد مرت بأخطاء وخيبات ندفع ثمنها الآن كشباب ثورة على صعيد النخب الشعبية.

 

 

 

لعب هائل سلام والدكتور الظاهري وتوكل كرمان والدكتور عبد الباقي شمسان وخالد الرويشان ومعن دماج وعبد الغني الماوري والهام الوجيه واسوان شاهر وسامية ووميض وعلي الجرادي وعدنان العديني واحمد علي عبد اللطيف ومروان الغفوري و شفيع العبد ومحمد عسكر ونخب من الحراك الجنوبي وآخرون دوراً جيداً في بلورة خطاب ووعي ثوري له علاقة بالقيم الثورية والقيم الوطنية، مع بروز جيل جديد من الشباب حملوا تفكيراً سياسياً وخطاباً بالغ النضج والتأثير، وناضلوا بكل جسارة في سبيل قضايا الشعب وفيم الثورة التي جاءت من اجل تحقيق مصالح احتماعية للشعب وليس معالجات وتسويات سياسية لمصلحة الطبقة السياسية المتقادمة.

 

 

 

ولأن العدد كبير من الشباب والنخب الواعدة منهم أعتقد أن الجميع يعرف أن عدداً معين من النخب الشبابية كانوا طلائع وطنية على قدر من المسؤولية سواء شباب منخرطين في الأحزاب السياسية أو أولئك المنخرطين في كيانات شبابية ثورية وفي مقدمتها مجلس شباب الثورة وحركة 15 يناير وحركة 3 فبراير والعديد من الحركات.

 

 

 

بعد التحول الأخير في خطاب العديد من النخب السياسية بدأ الإحساس في أعماقي يستحضر جار الله عمر وأقصد هنا استحضار أفكاره ورؤاه السياسية والمنجز النظري والفكري الذي أعتقد أن لا أحد كان يفهمنا بأفكاره قبل ان يكون لنا وجود سياسي وفكري كشباب ثورة فبراير مثل جار الله عمر.

 

 

 

سأبدأ في الحلقة الأولى التمهيد للحديث عن أهم وثيقة سياسية كانت على هيئة رسالة لكنها رؤية سياسية وفكرية وتاريخية مكتملة الملامح والمعالم أو هكذا أزعم انها كذلك ....

 

 

 

في 30 مارس من العام 1994 شهدت اللحظة اليمنية في تلك المرحلة اهم رؤية سياسية بعد دستور دولة الوحدة ووثيقة العهد والاتفاق من وجهة نظري على الأقل ..

 

 

 

الوثيقة حملت عنوان «أبعاد الأزمة الراهنة ومصير الوطن».. عبرت عن خط مختلف في التفكير السياسي جمعت بين المنجز النظري لجار الله كمفكر ذي خلفية معرفية معتبرة والتجربة السياسية للشهيد منذ الميلاد الجمهوري الأول منتصف القرن، عمر سياسي وثوري وتجربة وطنية تنقلت وسط ثلاث دوائر إذا ما تعلق الامر بالمكان والبيئة السياسية والاجتماعية _صنعاءـ عدن ـ

 

 

 

المناطق الوسطى" صنعاء وعدن لما لهما من ثقل سياسي بحكم مركز الدولة في العهدين والمناطق الوسطى كجغرفيا وتاريخ سياسي وحضاري جاء في مقدمتها كتابة وجدانية لا تخلو من العاطفة الوطنية ولا تفتقد للعقلانية السياسية وجهها لقيادة الاشتراكي قائلاً "ليس من المبالغة القول بأن مصير وحياة الأجيال اليمنية التي ستلي هذا الجيل، ستكون رهناً بالقرارات التي نستطيع أو لا نستطيع اتخاذها في هذه الأيام غير العادية، إن لم نقل إن مستقبل الأشياء والناس والأفكار والمثل في اليمن بما في ذلك مُثُل الحرية والديمقراطية وتعددية الأحزاب بل وبقاء الوطن ذاته رهناً بما سنفعله في غضون الأشهر القليلة القادمة.

شبكة صوت الحرية -

منذ 6 سنوات

-

871 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد