راي الخليج راي الخليج

لحظة صدق يا قطر

منهج دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية والدول المتضامنة يمثل النقيض الموضوعي لمنهج قطر، وفي حالة الأخيرة تكدست الأخطاء المترتبة على العمد والإصرار حتى غدت منهجاً، أما لسان حال شعوب الخليج والوطن العربي منذ التصعيد الأخير، فيمكن اختزاله في الشطر الأول من بيت طرفة بن العبد «ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً»، وها هي الأيام تكشف المستور وتبدأ في تجسيد الحقائق، لتبين مدى تناغم تصريحات تميم مع كواليس القمة الخليجية العربية الإسلامية في الرياض، وها هو الموقف الأمريكي يتفق مع موقف الدول المتضامنة في إدانة قطر، نعم الإدانة وليس الاتهام، فقد تجاوز الواقع مرحلة الظن إلى اليقين، بعد فضح النظام القطري، لجهة تمويله الممنهج للإرهاب، خصوصاً عبر صفقات تمت بالتشاور والتعاون مع إيران، وتمثلت في تغطية تمويل جماعات إرهابية في العراق وسوريا، تحت مظلة تمثيلية فدية مختطفين مزعومين. ذلك غيض من فيض، و«ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً، ويأتيك بالأخبار من لم تزود».

التصعيد الأخير جاء نتيجة تأمل عميق في القضية برمتها، وصولاً إلى استخلاص هذه النتيجة المنطقية لأن مقدماتها منطقية: لا بد من مواجهة نظام تميم مواجهة واقعية عملية مؤثرة، فالمسألة مسألة أمن واستقرار ومقدرات المنطقة بأكملها والوطن العربي بأكمله، ولن يسكت جيران قطر بعد اليوم، والدول المتضامنة معهم، عن تجاوزات الدوحة، وتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول، وتحالفها المريب والمشين في آن معاً مع نظام الملالي في إيران، بكل ما يمثله ذلك النظام من خطر على المنطقة واستقرار المنطقة والعالم. لن يسكت أحد بعد اليوم على احتضان قطر مرتزقة السياسة والإعلام، وادعائها حريتها الزائفة والانتهازية التي تحول منجز الآخر إلى موضوع تقصير واتهام، فيما تغض النظر عن أخطاء قطر، أو في اللغة الأصح، خطاياها.

كان كذب قطر ملائماً لاحتضانها ودعمها الإرهاب، بدءاً من القاعدة وفصائلها وصولاً إلى «داعش» وأخواته، ومروراً بلعب أدوار مشبوهة في فلسطين، خصوصاً دعم جماعة حماس الانقلابية، والتحريض على سفراء العمل الإنساني الإماراتيين، وفي لبنان وسوريا والعراق وليبيا والصومال.

وكان كذب قطر مناسباً لدورها الإجرامي في العبث بأمن جارتها مملكة البحرين الشقيقة، حيث الانتصار لإرهاب خونة الوطن، والانتصار لما تسميه واجهات قطر السياسية وأبواقها الإعلامية «معارضة»، وهل تسمى معارضة تلك التي تنزع نزوعاً إلى العسكرة والقتل والانقلاب؟

وكان كذب قطر ملائماً لدورها المدان في تأجيج الفتنة الطائفية في القطيف والمنطقة الشرقية من السعودية، وذلك بالتعاون مع حليفتها، توأم روحها في التفكير الظلامي والفعل الإرهابي إيران.

وكان كذب قطر ملائماً لدور الأفعى أو الحرباء الذي لعبته في اليمن، ففيما كانت تشارك، في الظاهر، في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، كانت، في الباطن والظاهر، مستمرة في دعم الحوثي والتفاهم مع المخلوع، فلا احترام بعد ذلك لدماء شهداء أوطاننا التي اختلطت على تراب اليمن، بما في ذلك شهداء قطر أنفسهم.

وكان كذب قطر مناسباً للدور الذي لعبته الدوحة في السودان، ما أسهم في انقسام الشعب السوداني على نفسه، وفي تقسيم السودان إلى سودانين، فيما كان رئيس الوزراء وزير الخارجية السابق حمد بن جاسم يجاهر بأن حضور السياسة القطرية في «دارفور»، بكل ما صرفت من أموال طائلة، إنما هو بهدف تمكين الأمير السابق حمد بن خليفة للحصول على جائزة نوبل للسلام.

الآن، بعد كل تلك التجارب المريرة، حان لقطر الدخول في لحظة من الصدق مع نفسها أولاً، ومع الآخر أولاً وثانياً، فهل يعود نظام تميم إلى عقله، وإلى بعض الرشد؟

شبكة صوت الحرية -

منذ 6 سنوات

-

793 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد