أنباء ايران

خبراء: رحلة العودة للاتفاق النووي الإيراني طويلة وشاقة

استغرق الأمر سبع سنوات منذ صيف عام 2008 عندما جلس دبلوماسي أميركي كبير مع نظيره الإيراني إلى أن أبرم الجانبان الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، الذي كان يهدف إلى منع طهران من الحصول على أسلحة نووية.


لا أحد يتوقع أن يستغرق الأمر وقتاً مماثلاً لتحديد ما إذا كان بإمكان واشنطن وطهران إحياء الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، لكن المسؤولين الأميركيين والأوروبيين يقولون إن الرحلة ستكون طويلة وشاقة لكنها يجب أن تبدأ.


وقالت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، يوم الخميس، إنها مستعدة لإرسال مبعوثها الخاص روبرت مالي للقاء مسؤولين إيرانيين والبحث عن طريق للعودة إلى الاتفاق، الذي أبرمته طهران وست قوى كبرى وأطلق عليه اسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" JCPOA.


وبينما أرسلت طهران إشارات متباينة في البداية، اتخذ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف موقفاً متشدداً أمس الأحد، قائلاً: "لن تتمكن الولايات المتحدة من العودة إلى الاتفاق النووي قبل أن ترفع العقوبات" المفروضة على إيران.


من سيخطي الخطوة الأولى؟

وكان جوهر الاتفاق المبرم عام 2015 هو أن تحد إيران من برنامج تخصيب اليورانيوم لجعل تكديس المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي أكثر صعوبةً. في المقابل، ترفع الولايات المتحدة وغيرها من الجهات الاقتصادية العقوبات عن إيران.


من الناحية النظرية، لا ينبغي أن يكون من الصعب تحديد كيفية إحياء الاتفاق الذي جاء ببنود وتفاصيل على مدى 110 صفحة.


في الواقع، يمكن التحدي في أمرين: أولهما هو عشرات العقوبات التي فرضها ترمب على إيران بعد انسحابه من الاتفاق في مايو 2018، وثانيهما هو الخطوات التي اتخذتها إيران لانتهاك الاتفاق كرد فعل انتقامي.


وبينما ركز الجانبان حتى الآن علناً على مسألة من سيتحرك أولاً لإحياء الاتفاق، يصر كل منهما على أن الآخر يجب أن يفعل ذلك.


وفي هذا السياق، قال مسؤول أميركي لوكالة "رويترز" إن "التسلسل" يمكن أن يكون خادعاً. وأضاف: "مسألة من يبدأ أولاً.. لا أعتقد أنها ستكون الأكثر صعوبة".


وأوضح أن الأمر الأكثر صعوبة سيكون تحديد "كيف ينظر كل جانب إلى الامتثال"، مستشهداً في هذا السياق بأنه سيكون هناك صعوبة في تحديد أي من العقوبات الأميركية التي يمكن رفعها. كما تساءل: "هل يمكن التراجع عن كل الخطوات التي اتخذتها إيران؟".


وتطلبت خطة العمل الشاملة المشتركة JCPOA، التي أبرمتها إيران وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة، من الولايات المتحدة إزالة العقوبات "المتعلقة بالبرنامج النووي" فقط على إيران.


عقوبات غير نووية على إيران

وبعد الانسحاب من الاتفاق، فرض ترمب عشرات العقوبات الجديدة على إيران، لأسباب أخرى من بينها اتهامات بدعم الإرهاب.


ويقول الخبراء إن بايدن سيجد أنه من الصعب سياسياً، وربما مستحيلاً، تلبية مطالب طهران برفع العقوبات في ضوء الانتقادات المحتملة من الجمهوريين، وربما بعض زملائه الديمقراطيين.


وقال هنري روما من "مجموعة أوراسيا" إن "هذه قضية حساسة للغاية من الناحية السياسية في الولايات المتحدة لأن عدداً من العقوبات تم فرضه بسبب برعاية إيران للإرهاب. وسيحتاج الفريقان المتفاوضان إلى الخوض في عملية واسعة النطاق لتقرير ما يبقى وما سيحدث" بشأن العقوبات.


إن التحدي الآخر الذي سيواجه رفع العقوبات هو دعم إيران لوكلائها الإقليميين، من بينهم أولئك المشتبه في قيامهم بهجمات على القوات الأميركية. وفي أكثر الحوادث دموية منذ ما يقرب من عام، أدى هجوم صاروخي على القوات التي تقودها الولايات المتحدة في شمال العراق، يوم الاثنين الماضي، إلى مقتل مقاول مدني وإصابة جندي أميركي، مما يجعل من الصعب على واشنطن على ما يبدو تقديم تنازلات لإيران


الخبرات التي اكتسبتها إيران

ومن بين التعقيدات الأخرى، تأتي الرغبة الأميركية في إطلاق سراح المواطنين الأميركيين المحتجزين في إيران، وهي قضية بدأت واشنطن محادثات بشأنها مع مسؤولين إيرانيين، بحسب مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان.


وفي حين أن بعض الخطوات، التي اتخذتها طهران لخرق الاتفاق النووي قد تكون قابلة للتراجع عنها، مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة تزيد عن 3.67% وزيادة مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب، فإن البعض الآخر ربما لن يمكن التراجع عنه. حيث اكتسبت طهران خبرات في تطوير أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، التي من شأنها أن تساعد إيران على تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 90%.


وفي هذا السياق، تساءل روبرت أينهورن من "معهد بروكينغز للأبحاث" قائلاً: "كيف تعكس المعرفة التي اكتسبوها؟"، في إشارة إلى الإيرانيين.


أزمة إيران الاقتصادية

وتواجه السلطات في طهران أيضاً خياراً دقيقاً بشأن كيفية الرد على أي عرض من إدارة بايدن بينما تستعد إيران لإجراء انتخابات رئاسية في يونيو المقبل، حيث من المرجح أن يُنظر إلى الإقبال على أنه استفتاء على النظام السياسي المعمول به وسط استياء متزايد من الضائقة الاقتصادية.


والاقتصاد الإيراني الهش، الذي أضعفته العقوبات الأميركية وجائحة كوفيد-19، ترك أمام النخبة الحاكمة خيارات قليلة بخلاف التفاوض، لكن القرار في النهاية يقع على عاتق المرشد علي خامنئي.


وعلى الرغم من ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان يمكن للطرفين العودة إلى طاولة المفاوضات.


وكانت إيران قد هددت بتقليص التزامها بالاتفاق النووي بشكل أكبر ابتداء من غداّ الثلاثاء، لا سيما من خلال وقف بعض إجراءات التفتيش المفاجئة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.


ويرى الخبراء أن مثل هذا الإجراء لن يقضي بالضرورة على فرص المفاوضات، لكنه يضيف إلى قائمة التحديات أمامها.


وقال مصدر دبلوماسي فرنسي: "على الرغم من كل شيء ما زلنا في وضع محفوف بالمخاطر، والذي ربما يصبح أكثر خطورة في الأيام المقبلة. لذا، فإنه من المهم إحياء الدبلوماسية سريعاً".

أنباء ايران -

منذ 3 سنوات

-

854 مشاهدة

اخبار ذات صلة

أهم التصريحات المزيد