أخبار وتقارير

نص الندوة العلمية حول واقع الحراك العربي بعد ست سنوات (التحديات والآفاق)

نص الندوة العلمية حول واقع الحراك العربي بعد ست سنوات (التحديات والآفاق)

في احتفائة خاصة بمناسبة الذكرى السادسة لثورة 11 فبراير العظمية نظمت الجالية اليمنية في دولة المغرب الشقيقة ندوة خاصة بالمناسبة .
وفي الندوة قدم الدكتور عبدالحي علي قاسم كلمة شباب الثورة، وورقة بحثية بعنوان:
"ثورة فبراير والتحديات الماثلة أمامها" ,وفيما يلي نص الورقة :
 
   من رباط التأريخ والمقاومة نفتتح نافذة ذكرى ربيع ثورة 11 فبراير،  ونقف إجلال لهامة وقامة روادها، نترحم على شهدائها الأبطال، ونؤكد قسم الوفاء أن نقتفي مسار أهدافها، وبغير سقوط أعدائها الانقلابيين ورحيلهم لن نرضى خيارا.
   إن ثورة فبراير لم تكن ترفا اجتماعيا، أو محض مفاجأة عابرة بقدر ما كانت حلما عاصفا راود جموع المقهورين لاجتثاث عصابة التسلط والفساد، وثمرة توجت نضالات امتدت لعقود،لنظام أغلق البلد لنخبة نفعية متنوعة، أختيرت بمعايير بالغة السوء والضرر "ألحقت الويلات بحياة الوطن"، امتهنت النهب والفساد بصورة جعلت من ثروة البلاد مطية تعزز من سلطة المركز العائلي الحاكم، وتقوي مراكز تبعيته على حساب هامش أطراف فارغ القوة والفعل، لا تقوى، وليس في وسع ممانعتها وقف لجام سلطة استأثرت بالثروة والسلاح.
   ورثت هذه الثورة الشبابية روافد النضال السلمي للحركة الوطنية، التي أنفت الظلم والتسلط، وراودها حلم الخلاص من أفيون الديكتاتورية، أكانت بقناع إمامي مهووس بالاصطفاء الكاذب، والكرامات الخداعة، أو بقناع الزعامة الجمهورية فارغة الفضيلة.
    لم يكن بوسع تكتل اللقاء المشترك الذي تشكل في العام 1997 أن يفل، ويفك حلقة الفساد السلطوي مهما بلغ في نضجه وتماسكه، وآليات فعله التعبوي والسياسي المناوئ لفساد وجرائم سلطة المخلوع صالح المتفردة نظرا لتداخل مصالح الثالوث المرعب والأخطبوط في آن.
       تلك النضالات أخذت أشكالا متنوعة، فمن الانتخابات وتحدي تزويرها، إلى الحراك الجنوبي الرافض لتسلط النظام الفاسد، وسوء تدبير السلطة، ومظالم إقصاء جزء كبيرا من الوطن، وطيه في مغبة الفقر والنسيان.مما عمق من مأساة آفة اليأس في أي تغيير سلمي يفضي لتواري كابوس صالح عن الأنضار.
   لذلك، جاءت ثورة الشباب اليمني السلمية في 11فبراير 2011 امتدادا لتلك المسيرة المشرقة، أبرقت بنور حريتها، والتفت بجموع زخمها، وعنفوان تصميمها لوضع نهاية لغول التسلط الذي أرهقها، وجثم على أنفاس طموحها، تقسم أن لا تعود بدون رحيل صالح، وعصابته مهما كلفها من ثمن وإرهاب القتل التي استمرأته عصابات النظام وبلاطجته، وباركته دائرة وأوكار الدولة العميقة بتوليفتها المركبة.
    طرحت المبادرة الخليجية لإيجاد مخرج مقبول، وبما يكفل انتقال السلطة إلى الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، وخروج المخلوع من معادلة السلطة، على أن تنفض مخيمات وميادين الكرامة، لترثهاعصابات الحوثي الماكرة، والمتربصة بالمشروع الثوري، بمشاركة رمزية لقوى كهنوتية مريضة، امتهنت الخديعة، مهمتها هي طعن ثورة الشباب من الخلف بالتعاون مع الرئيس المخلوع.فكانت مخيمات الكهنوت بمثابة أفيون الثورة، التي لم تحتاط لها ثورة الشباب، غرها تطمينات تهافت القوى السياسية الحزبية لمشاركة متواضعة وسطحية أملا في تحول ديمقراطي حقيقي، يجنب الثورة الشبابية تداعيات الانزلاق في مواجهة مسلحة مع نظام صالح الحريص على الأنتقام من تلك الثورة التي أطاحت بعرش سلطته.
    كشفت تفاصيل المشهد الثوري، أن هناك حيلة في الأمر، أساءت القوى الثورية تقديرها، وتعاملت معها بنوع من التسامح والتساهل، وهي قوة ونفوذ وتأثير أذرع صالح في أوساط الجيش المصمم عائليا ومناطقيا وقبليا على مقاس صالح، الذي يتنفس المكر كالهواء، ويلتقي إن دعت حاجته مع الشيطان، ولم يجد حرجا أن يتقارب طائفيا مع مشروع الحوثي المدعوم إيرانيا في تنفيذ الانقلاب المشئوم. وفي خضم مؤامرة دنيئة، كادت أن تبدد الحلم الثوري الشبابي، أضحت الثورة السلمية أمام تحدي وجودي بعد أن استجمعت تلك العصابة الانقلابية لقواها، واجتاحت رقعة الجغرافيا اليمنية.
     لم تنهزم ثورة الشباب وعبثا أن يثنيها الانقلاب الغادر، والمبارك إقليميا حينها عن أهدافها النبيلة بعد أن قطعت شوطا لا بأس به من حصيلة أهدافها، وليس في قاموسها مفرداتها الهزيمة مهما كانت قوة الانقلاب وسطوة بأسه، وإرهابه، ورغم أن ثورة فبراير تدرك أن الانقلاب وداعميه يريد جرها لجرعات من العنف السياسي والعسكري لفرملة التحول الديمقراطي، وتبديد مكاسبها لكن خيارات المواجهة مع الانقلاب لا مناص منه لحماية الشرعية الثورية، فأشعلت ثورة الشباب أوار مقاومة لا تخمد شعلتها، ولا تنكسر شوكة بأسها، لتنخرط في منظومة مقاومة شعبية مع ما تبقى من شرفاء جيش كبير خان وطنه وثورته المباركة.ويمكن أن نوجز على عجالة أهم وأبرز التحديات الماثلة أمام ثورة فبراير المبارك، والتي سوف تكون بعض مفرداتها هي محل نقاش ندوتنا العلمية:
   جملة من تحدي المتغيرات الاجتماعية والأمنية والاقتصادية، التي رافقت ثورة فبراير، وضعت الكثير من العراقيل أمامها، ولم يكن هناك من خطر أصاب بنية، وواقع ثورة فبراير من تغذية ونفخ الانقسام الطائفي، الذي كانت بمثابة أكسير الحياة لإعادة المخلوع صالح إلى مربع اللعبة بذلك التأثير، كما أن من شأن الانقسام الطائفي أن يحول ونضوج الظروف الملائمة لنجاح ثورة فبراير. وأكثر أن آفة مشكل الانقلاب أنه مغرم ومهووس بثقافة الإقصاء، وقيمها الثقافية المريضة حد القطيعة مع أي إيمان ولو بأي نوع من الشراكة ولو كانت شكلية، ومثل هذا الأفيون الثقافي ينسف أي جهود للتقارب، أو حلحلة لواقع الصراع مع الطرف الانقلابي، وتحول وأي بناء للثقة مع مشروع التسلط والإقصاء لتك القوى، والذي خبرته القوى السياسية طوال تأريخها النضالي معه. إن منطق الإقصاء الذي يستميت من أجله الانقلاب يتنافى مع التغيير المنشود لثورة فبراير، وأقصى ما يمكن أن يصل إليه هو استبدال نخبة مستبدة بنخبة أخرى جديدة في الاستبداد.
   تحدي غياب متغيرات المصالحة الوطنية، وانسجام قواها، ليس لأن هناك ضيق لأفق الشرعية وأنصارها في أوساط الثورة الشبابية، لتقبل التعايش مع الشخوص الانقلابية، بل لما تحمله من بذرة عنصرية وعائلية إقصائية تعشعش بخطرها وشرورها على أمن البلاد واستقرارها، ومشروعها الوحدوي والتحرري، وتفتح الباب مواربا أمام طبقية بغيضة تقسم البشر بين أسياد وعبيد. وعبثا أن نصل إلى مصالحة مجتمعية وانسجام، وعودة اللحمة الواحدة، ونهنئ بالاستقرار والأمن بدون زوال الانقلاب وفق أي معادلة عسكرية أو سياسية.
   تحدي سياسة التشكيك والوقيعة بالقوى السياسية والثورية، وتوزيع التهم لرموز ثورة فبراير، وشيطنتهم، وتخوينهم، خصوصا تلك القوى المنخرطة في الفعل المقاوم من قبل أطراف إقليمية لها أهداف مشبوهة، ومرتبطة مصالحها وأجندتها المريضة بعودة استبداد المخلوع صالح، وتبارك فساد حكمه، بيد أن ثورة فبرارير مدركة تماما لما يحاك لها من المتربصين، والساعين لإخماد جذوة ثورتها، ومصرة على استكمال أهدافها غير عابئة بكل تلك الفقاعات.
 معضلة المحيط الإقليمي الذي لا يساعد على أي تحول ديمقراطي حقيقي، وأن تقطف ثورة فبراير ثمارها بسهولة، وأن تبلغ أهدافها، لكنها رغم الأحجار التي تعترض طريقها، والعوائق الماثلة أمامها مصممة على مسيرتها، وبلوغ أهدافها التحررية، فالثورة المضادة من قبل الفئات المتضررة من ثورة شباب وجدت بيئة إقليمية داعمة ومساعدة لإحياء حلم أطماعها بعودة السلطة.وما تعيشه العاصمة المؤقتة عدن من تمرد ضد الشرعية هو مثالا حيا لتلك المهزلة غير المسئولة.
  تحديإعمال روافع وآليات العمل المؤسسي المدني لثقافة حكم جديدة متجردة ومتحررة من مآسير ورواسب ثقافة الحكم العائلي، ومحسوبية الأقارب، سوى أن ثورة الشباب للانصاف تراعي كوابح الظرف الانقلابي التي تمر به الشرعية ممثلة بسيادة الرئيس عبدربه منصور هادي، بيد أنها لن تغض الطرف، ولن تقف صامتة مستقبلا أمام أي سلوكات لا تتوافق والمعايير المؤسسية التي خرجت في سبيلها ثورة فبراير.
    تحديالتصدي لجماعات الإرهاب والعنف من الدواعش، وسواها من خلايا الإرهاب النائمة التي يسهر على رعايتها وتغذيتها المخلوع صالح، ويجيد وحده تحريكها في رقعة المعركة مع الشرعية وشباب الثورة وتحديدا في المناطق المحررة.وترك الانقلاب يستخدم ورقة القاعدة والدواعش والمرتزقة يسهم في إرباك الجبهة الداخلية المحررة ووقف تقدم القوات الحكومية والمقاومة الشعبية، ويحول ونجاح ثورة فبراير.
   تحديات أمنية خطيرة تواجه الثورة الشبابية وتحديدا في المناطق المحررة، فبدون سيطرة القوى الأمنية والعسكرية على الأرض أمنيا لن يتغير من واقع معادلة حصار الانقلابيين الكثير، وكل القرارات التي تصب في خدمة أهداف الثورة الشبابية اقتصادية كانت أو سياسية مرهونة بمعادلة المتغير الأمني.
  تحدياتالمتغير الاقتصادي، مسلما به أن أهم العوامل الدافعة لثورة فبراير هي الفشل التنموي، وغياب العدالة الاجتماعية، وتفشي ظاهرة البطالة، واستئثار قلة من المنتفعين بخيرات البلاد مقابل حرمان غالبية الشعب الذي يرزح تحت خط الفقطر والحرمان. غير أن مؤشرات جل تلك المتغيرات الاقتصادية، التي خرجت ثورة فبراير من أجلها لم يلمسها المواطن نظرا للكوابح والعوائق، التي خلقها الوضع الانقلابي وتداعياته كما أسلفنا، وأصبحنا أمام تحديات اقتصادية كبيرة متعلقة بمعيشة الناس المتدهورة، وتردي الخدمات، وسواها من مؤشرات المتغيرات الاقتصادية التي بلغت مستوى ينذر بمخاطر اقتصادية مروعة.
    يمكن القول بثقة أن ثورة فبراير زلزلت جدار الاستبداد، وقضت مضجعه، وهدمت بعض جدار صمته، وحركت ركود الموت الذي عاشته حرية الشعب تحت قبضة التسلط، وقتلت حلم التوريث، وهذا أهم قيمة حملتها ثورة فبراير المباركة، وهي في طريقها عازمة على استكمال معركة أهدافها. وفي الوقت ذاته ترفض استغلال مبادئها العظيمة لأغراض رخيصة لا نبل فيها ولا فضيلة.  
   المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، والشفاء العاجل لجرحانا الأبطال، والحرية لمختطفينا الأشاوس، النصر لشباب الثورة المرابطين في مواقع العزة والرجولة، والفخار لليمن وشعبها العظيم.
 

أخبار وتقارير -

منذ 7 سنوات

-

1597 مشاهدة

اخبار ذات صلة

أهم التصريحات المزيد